بسم الله الرحمن الرحيم
أعزائي في منتدي الشعر العربي الفصيح ..اسعد كثيراً بإهدائكم بعض القصائد لشعراء وشاعرات من السودان ولتكن البداية مع قصيدة الشاعرة روضة الحاج والمهداة إلي محمد الدرة..والتي حملت عنوان :
قصيدتان وحجر
عفواً محمد أعتذر
باسم النساء الواقفات علي شبابيك الفجيعة
والحذر ..
باسم الأرامل والثكالي
واللواتي ينتظرن الليل خلاً
قد يجيء وقد يُغيبه القدر
باسم التوجس والترقب والتخوف والتوتر والتصبر
في عروق الأمهات
يضخها قلب بكل صباح يوم ينفطر
باسم العذاري في خدور الدمع ما أبقي لهن الدمع
خدر ..
باسم الذين تركتهم
في الشارع الخلفي يختبئون عن دورية عبرت
فساومت الحجارة ضدهم إلا حجر ..
ما زال ينبض بالدماء القانيات وينشطر
مليون ألف قذيفة
تسمُ العدو مرارة
وتصيح يا حطين يا يرموك يا قدس العروج
ويا صلاح الدين قم ..
يا مسجداً أرسي قواعده عمر
عفواً محمد أعتذر ..
عن حائط خارت قواه
فلم يمل متراً ليصبح زاوية
عن طلقة ما فكرت
لو أنها فعلت لأخطأت الطريق إليك صوب الهاوية
عفواً محمد أعتذر لك عن قميصك
كيف لا يحتال ( للتصفيح )
يصبح ساعة التدوين درعاً واقية ؟؟
عفواً محمد أعتذر لك عن أبيك
فصدره قد خان ساعة أن أراد بأن يكون مدينة
لم تعرف الطلقات بعد وخندقاً يحنو علي الثوار
يمنحهم أمان دقيقتين وجرعةً من أمنيات ..
والله صدقني محمد
إن صدر أبيك ساعتها
تمني لو تحول كوكباً يأوي له الأطفال
يمنحهم حليباً آمناً ..
وينيمهم ليلاً بحزمة أحجيات
لكنما اختصرت عيونك لحظة التحليق فانفلتت
وأودعت التوجس والتخوف والترقب والتوتر
والتصبر مرةً أخري عروق الأمهات
صاحت بكل الناس :
أن محمداً ما مات و( الكاميرات ) تنظر هكذا
لكن شيئاً في دماء العُرب مات ..
***
قال لي والجبين كما ليلة من ديار النبي
سلاماً علي العرب العاربة
طربت فأردف مستدركاً
دعيني أُصّحح حين أقول
سلاماً علي العرب الغاربة
بكيت فأجهش مثلي وقال
سلاماً علي العرب الهاربة
رويدك مهلاً محمد
ما هربت خيلهم ولا غربت شمسهم
ولكنهم يا محمد ماذا أقول ؟!
تخون الحروف التي بعد لكن
وأخشي التجمل حين تعاتبني مقلتاك
فأبدو أمامك أفاكة كاذبة ..
محمد ..
كم أرهقتنا النجوم التي لم تعد كالكتاب
فنقرأؤها للرحيل ..
وكم أتعبتنا المسافات حين نفتش
عن لغة للحوار الطويل ..
وكم أرهقتنا التباريح
شدا علي وتر الضرب في الأرض خوفاً
وسهم العكوف علي حمحمات الخيول
وكم هبت الريح من نجدنا بالعرار
فما أغرت العيس حتي
بوخد يؤخرها أو ذميل
أما كانت الخيل والشمس والبيد تعرفهم يا محمد
كيف تعود فتنكرهم
ثم تطلب تأشيرة للدخول ؟؟
أما كان ما كان ؟؟
ويحي محمد ..أكره كان
وأخوات كان ..
حين تؤخرنا عن بلوغ الجليل ..
وأكرهها حين تختبيء الآن خلف الشبابيك جامدة
والصبايا يعطرن بالدمع وجه قتيل ..
وأكرهها حينما يتواري الكبار
ورا كافها والعويل يفتق اليوم ألف عويل ..
محمد
كلهم أجهشوا حينما صحت حتي الجدار
بكوا كل شيء
أباك ..
عيونك .. أمك ..
إخوتك الصابرين ..
المساجد ..
والدور والصبر والإنكسار
ولكنهم يا محمد قد ضيعوا كل شيء
سوي إن الدماء التي عطّرت ساحة المسجد العمري ..
ومقدسنا
أنبتت شجراً من نهار
تحط عليه الأبابيل ليلاً
وترمي بسجيلها يا محمد
كل الذين بأحقادهم يذبحون الديار
وتقسم بالصبر في دير ياسين
بالدم في الحرم المقدسي
بصبرا
بطولكرم
بالنادبات
وبالباكيات
وبالصابرات
وبالواقفات علي جمرهن انتظار
ستأثر من حقدهم يا محمد
فالثورة انطلقت
رغم كل المتاريس
رغم القيود
ورغم التآمر
ناراً وناراً وناراً ونار .
روضة الحاج -الخرطوم