حلم قطار يحترق
شعر د. جمال مرسي
( في ضحايا قطار صعيد مصر المحترق في السادس من فبراير لعام 2003م )
قطارَ المنونِ ترفَّقْ بِنَا و لا تكُ يا صاحبي أرعنا
عهدتُكَ منذ مئاتِ السنينِ قويَ الشكيمةِ رغم الضَّنى
تشقُّ الحقولَ أبياً منيعاً و تحملُ أثقالنا مُذعنا
بقاطرةٍ لم تزلْ بالبخارِ و جسمٍ هزيلٍ ضعيفِ البِنا
فلم تَشْكُ يا صاحِ بُعدَ المكانِ و لمْ تشْكُ إهمالنا المُزمِنا
و لم يُثنِكَ الدهرُ مهما استطالَ عن العدوِ في السهلِ و المُنحنى
فتبدأ رحلةَ " بابِ الحديدِ " لأقصى الصعيدِ كومضِ السنا
و صوتُكَ هذا القويُّ العنيفُ يُذكِّرنا برديءِ الغِنا
عهدتكَ لم تكترثْ بالمديحِ و عذب الكلامِ و حلوِ الثنا
فكيف أصابك هذا الغرورُ فمنيتَ نفسكَ كلَّ المُنى
و أنت القطارُ القديمُ القديمُ و ما عدتَ تصلحُ في عصرنا
فمثلُكَ يربضُ في مُتحفٍ يُدِرُّ النقودَ إذا زُيِّنا
و مثلُكَ يا اْبنَ الزمانِ العتيدِ تقاعدَ أو رُبَّما كُهِّنا
و هل يعتريكَ الرجاءُ الجميلُ بأنْ تستقيم بدون اْعتِنا
فتصبح مثل القطار الحديثِ تحققُ يا صاحبي حلْمنا
غفوتَ ، فغُصْتَ بحلمٍ أنيقٍ فيا ليت ما كنت طمّعتنا
لأنك حين استفقتَ و فاضتْ عيونُكَ بالدمعِ فاجأتنا
و أحرقتَ أكبادَ شعبٍ عظيمٍ بنار المنامِ فأبكيتنا
فطوبي لأشهادِكَ الراحلينَ و كلُّ المواساةِ يا مصرنا
و سلم الله مصر و أهلها من كل سوء