|
طَعَنُوكَ مِنْ قُبُلٍ وَقَالُوا اخْتَارَا |
هُوَ مَنْ أَثَارَ أَبَى الحِوَارَ وَثَارَا |
لَو كَانَ أَمْطَرَنَا السَّلامَةَ لاتَّقَى |
لَكِنَّهُ مَلأَ العُيُونَ غُبَارَا |
أَمُغَامِرٌ وَرَدَ الهَلاكَ وَسَادِرٌ |
فَقَدَ الشِّرَاكَ وَخَاسِرٌ يَتَبَارَى |
وَعَلَى اخْتِبَالاتِ التَّطَهُّرِّ مِنْ دَمٍ |
شَقَّ الصُّفُوفَ وَخَالَفَ التَّيَّارَا |
هَلْ يَنْفَعُ العُصْفُورَ هَدَّدَ عُشَّهُ |
ذُو مِخْلَبٍ أَنْ يُشْهِرَ المِنْقَارَا |
أَمْ هَلْ تُصَدُّ الطَّائِرَاتُ مُغِيرَةً |
إِنْ أَطْلَقَتْ تِلكَ البَنَادِقُ نَارَا |
قَتَلوُكَ فِي زَيفِ الحَقِيقَةِ وَادَّعَوا |
أَنَّ التَّوَجُسَ يَدْفَعُ الأَخْطَارَا |
إِذْ أَخْرَجُوا مِنكَ الدِّيَارَ وَأَمْعَنُوا |
فِيكَ الحِصَارَ وَيفْتَدُونَ أُسَارَى |
أَفَيُؤْمِنُونَ بِبِعْضِ مَا شَرَعَ الهُدَى |
فَضِّ النِّزَاعِ وَيَكْفُرُونَ جِوَارَا |
مَاذَا الإِخَاءُ إِذَا تَبَزَّلَ خِنْجَرًا |
فِي القَلْبِ غَدْرًا يَسْفِكُ الأَعْمَارَا |
لَيسَ الذِي اتَّخَذَ الإِخَاءَ شَعِيرَةً |
مِثْلَ الذِي اتَّخَذَ الإِخَاءَ شِعَارَا |
كَمْ جَارَ فَوقَ العَرْشِ مِنْهُمْ خَائِنٌ |
رَفَعَ العَبِيدَ وَحَقَّرَ الأَحْرَارَا |
وَمَتَى انْتَشَى بِالكَأْسِ قَالَ فَأَمْسَكَتْ |
كَفُّ الفَسَادِ الدُّفَّ وَالمِزْمَارَا |
نَامَتْ عَلَى شَفَةِ المُرُوءَةِ هِمَّةً |
وَاسْتَيْقَظَتْ عِنْدَ المَوَاقِفِ عَارَا |
قَدْ أَذْعَنُوا لِلأَوْلِيَاءِ وَأَتْقَنُوا |
فَنَّ الثُّغَاءِ وَنَافَسُوا التُّجَّارَا |
بَاعُوا ضَمِيرَ الحَقِّ وَاتَّبَعُوا الضَّلالَ |
وَقَبَّلُوا الأَقْدَامَ وَالأَدْبَارَا |
وَتَطَاوَلُوا مِلْءَ الهَوَانِ جَلالَةً |
وَتَنَادَلُوا مِلْءَ الطِّعَانِ خُوَارَا |
وَإِذَا الأَئِمَّةُ أَسْرَفَتْ فِي سَكْرَةٍ |
فَعَلامَ تَتْبَعُهَا الشُّعُوبُ سُكَارَى |
نَمْ يَا عَدُوُّ قَرِيرَ عَينٍ إِنَّنَا |
قَوْمٌ نُحِبُّ الدَّنَّ وَالدِّينَارَا |
بِالأِمْسِ كَانَ الشَّجْبَ كُلُّ سِلاحِنَا |
وَاليَومَ لا شَجْبًا وَلا اسْتِنْكَارَا |
وَلَقَدْ يَذُودُ البَأْسَ عَنْكَ خَوَارِجٌ |
مِنَّا وَيَبْنُونَ الصُّرُوفَ ضِرَارَا |
إِنِّي لأُبْصِرُ أُمَّةً بَينَ الوَرَى |
هَمَلا وَبَينَ الكَائِنَاتِ حِمَارَا |
وَمَضَلّلا بِالأُنْثَيَينِ سَرَى بِهِمْ |
أَوْرَى العَدَاوَةَ بَينَهُمْ وَتَوَارَى |
زَعَمُوا اتِّبَاعَ الحَقِّ نَهْجًا وَادَّعَوا |
شَمَمَ الإِبَاءِ وَخَالَفُوهُ مَدَارَا |
وَتَذَرَّعُوا بِالعَجْزِ حَتَّى لَو سَطَا |
هِرٌّ لَقَالُوا: اللَيْثُ ثَمَّ أَغَارَا |
فِيمَ التَّعَلُّل وَالعُيُونُ شَوَاخِصٌ |
وَالحَقُّ قَدْ فَضَحَ الظَّلامَ نَهَارَا |
مَنْ يَدَّعِي ثَنْيَ الشُّعَاعِ مَتَى سَرَى |
نُورًا يُعَانِقُ بِالرُّؤَى الأَبْصَارَا؟ |
أَمَّنْ يَصُدُّ قِوَى الشُّعُوبِ إِذَا أَبَتْ |
وَيَرُدُّهُنَّ إِذَا اجْتَمَعْنَ مَسَارَا؟ |
هِيَ هِمّةُ الإِنْسَانِ مَا تَرْقَى بِهِ |
إِلا إِذَا جَرَّ الهَوانَ وجَارَى |
وَلَئِنْ تَخَاذَلَتِ الجُيُوشُ بِنَصْرِهَا |
فَاللهُ رَبُّكَ يُرْسِلُ الأَنْصَارَا |
جَاؤُوكَ بِالأُسْطُولِ وَفْدَ تَضَامُنٍ |
مِنْ مُسْلِمِينَ وَشِيعَةٍ وَنَصَارَى |
مِنْ كُلِّ مَنْ رَكِبَ السَّفِينَةَ نَاجِيًا |
مِنْ عَارِ مَنْ سَكَبَ الضَّغِينَةَ قَارَا |
النَّاهِضِينَ إِلَى الفَضِيلةِ وَالنَّدَى |
النَّاصِرِينَ الحَقَّ وَالأَبْرَارَا |
الحَافِظِينَ مِن الحَيَاةِ كَرَامَةً |
لِلأَبْرِيَاءِ ، المُحْسِنِينَ كِبَارَا |
جَاؤُوا بِأَشْرِعَةِ التَّحَدِّي كُلَّمَا |
عَرَضَ العَدُوُّ تَشَبَّثُوا إِصْرَارَا |
رَفَعَتْ لَهُ الأَتْرَاكُ رَايَةَ عِزَّةٍ |
تَهَبُ الأَمَانَ وَتَرْدَعُ الأَغْرَارَا |
وَسَأَلْتُ: أَيْنَ بَنُو العُرُوبَةِ عَنْ يَدٍ؟ |
أَيْنَ الرِّجَالُ قُضَاعَةً وَنِزَارَا؟ |
قَدْ فُقْتَهُم يَا أَرْدُغَانُ مُرُوءَةً |
وَبُطُولَةً وَكَرَامَةً وَوَقَارَا |
مَنْ ذَا يُجَارِي فِيَ الإِبَاءَ عَلاكُمُ |
هَيْهَاتَ كَيفَ المَجْدُ فِيكَ يُجَارَي |
أَدْرِكْ بِهِمَّتِكَ الأَبِيَّةِ أُمَّةً |
مَا عَادَ فِيهَا فِي المُلُوكِ غَيَارَى |
أَدْرِكْ فَإِنَّ شِعَابَ مَكَّةَ قَدْ عَفَتْ |
وَالنِّيلُ غَارَ فَأهْلَكَ الأَزْهَارَا |
هَذِي كِلابُ الأَرْضِ أَخْبَثَ نَابُهَا |
شِيَةً عَلَى نَفْجِ السُّعَارِ جَهَارَا |
وَلَغَتْ بِقَانُونِ التَّحَضُّرِ وَاعْتَدَتْ |
صَلَفًا عَلى البَشَرِيَّةِ اسْتِصْغَارَا |
وَسَطَتْ عَلَى الأُسْطُولِ تَسْفَحُهُ دَمًا |
فِي مَشْهَدٍ يَذَرُ العُقُولَ حَيَارَى |
فَإِلامَ أَمْرِيكَا وَمَجْلِسُ أَمْنِهَا |
تَحْمِي الشِّرَارَ وَتَظْلِمُ الأَخْيَارَا |
شَهِدَتْ عَلَيهِمْ فِي البِلادِ جَرَائِمٌ |
فَبِأَيِّ آلاءِ الهُدَى تَتَمَارَى |
شَرُّ المَمَالِكِ مَنْ تَجُورُ وَتَزْدَرِي |
قَدْرَ الرِّجَالِ وَتَصْلبُ الأَفْكَارَا |
أَمِن الحَضَارَةِ أَنْ تَسُودَ فَتَفْتَرِي |
حُجَجًا لِتُمْعِنَ فِي الوَرَى اسْتِعْمَارَا |
أَمِن العَدَالَةِ أَنْ يُعَرْبِدَ مُجْرِمٌ |
فَيَذُودُ عَنْهُ البَاطِلُ اسْتِكْبَارَا |
أَمِن البُّطُولَةِ أَنْ تُهَيمِنَ قُوَّةٌ |
حَتَّى يُرَاق بِهَا الدَّمُ اسْتِهْتَارَا |
إِنْ كُنْتِ فِي دُجَجِ السِّلاحِ كَبِيرَةً |
فَاللهُ أَكْبَرُ نَاصِرًا قَهَّارَا |
فَتَرَفَّعِي يَا تِلْكَ عَنْ سُبُلِ الخَنَا |
إِنَّ المَثَالِبَ تُذْهِبُ الأَقْدَارَا |
يَا مِصْرُ أَنْتِ الأُمُّ لا تَقْسُو عَلَى |
أَبْنَائِهَا فَتَدَارَكِي الآثَارَا |
قَدْ عِشْتِ رَاسِخَةً عَلَى قِمَمِ العُلا |
وَاليَومَ قَدْرُكِ فِي الوَرَى قَدْ بَارَا |
سَالَتْ دِمَاءُ الأَبْرِيَاءِ عَلَى يَدٍ |
سَالَتْ عَلَى جِيدِ الزَّمَانِ نُضَارَا |
يَا مِصْرُ يَا أَرْضَ الكِنَانَةِ مَنْ لَنَا |
إِنْ لَمْ تُقِيلِي لِلإخَاءِ عِثَارَا |
إِنْ كُنْتِ أَنْكَرْتِ الأُخُوَّةَ مَنْهَجًا |
هَلا حَفِظْتِ الجَارَ والأَدْوَارَا؟ |
فُكِّي الحِصَّارَ فَلَيْسَ يُعْقَلُ كَي نَرَى |
فَكَّ الحِصَارِ بَأَنْ نَخُوضَ بِحَارَا |
يَا شَعْبَ مِصْرَ أَلَسْتَ أَكْرَمَ مَنْ أَبَى |
فَلِمَ التَّخَاذُلُ لا يَزَالُ سِوَارَا |
إِنَّا عَهِدْنَاكَ المُقَدَّمَ فِي الوَغَى |
لا خَائِنًا وَجِلا وَلا خَوَّارَا |
يَومَ الجَزَائِرِ أَبْرَزَ الأَنْيَابَ فِي |
الكُرَةِ الجَمِيعُ وَأَنْشَبُوا الأَظْفَارَا |
وَعَلَى حِصَارِ أُبَاةِ غَزَّةَ أَخْبَتُوا |
فَمَنِ الذِي قَدْ غَيَّرَ المِعْيَارَا؟ |
إِنْ كَانَ مُحْتَزبُ الحِصَارِ وَبَأْسُهُ |
فِي شِعْبِ مَكَّةَ زَلْزَلَ الكُفَّارَا |
فَعَلامَ صَمْتُ السَّادِرِينَ كَأَنَّمَا |
بَاتَ التَّوَاطُؤُ فِي الفُجُورِ فَخَارَا؟ |
هُبُّوا إِلَى رَفَحِ الكَسِيرَةِ وَارْفَعُوا |
رَايَاتِ حُبٍّ وَاهْدُمُوا الأَسْوَارَا |
إِنِّي أَرَى الظُلُمَاتِ أَوْشَكَ فَجْرُهَا |
وَأَرَى عُيُونَ النَّصْرِ تَحْضُنُ دَارَا |
وَأَرَى رِكَابَ العَدْلِ شَدَّ رِحَالَهُ |
فِي المَشْرِقَينِ وَنَحْوَ غَزَّةَ سَارَا |
إِنْ كُنْتَ فِي خَتَلٍ فَإِنَّ قَصَائِدِي |
سَوطٌ يُذِيقُ المُرْجِفِينَ تَبَارَا |
يَنْثَالُ مِنْ قُلَلِ المَشَاعِرِ مَادِحًا |
صِيدًا وَمُخْزِي الخَائِنِينَ ذِمَارَا |
لا كَانَ مَنْ يَرْضَى الهَوَانَ لأَهْلِهِ |
أَوْ لَيسَ عَنْهُمْ يَدْفَعُ الأَضْرَارَا |
إِنِّي أُهَادِنُ لا أُدَاهِنُ مَنْهَجِي |
بِالحَقِّ يَقْضِي مَا دَرَى أَو دَارَى |
إِنْ قَامَ يَعْذلُهُ الِلَئامُ فَإِنَّهُ |
عِنْدَ الكِرَامِ يَزِيدُهُمْ إِكْبَارَا |
لَنْ يَجْحَدُوهُ وَلَنْ يُكَلَّلَ بِالرِّضَا |
لَكِنَّهُ فِكْرٌ جَرَى أَشْعَارَا |