حمداً لمن خلق الإنسان وخصه بالعقل والبيان. وصلاة على نبيه محمد أفصح العرب لساناً ، وأوضحهم بياناً ، وأسلمهم لغة ، وأجودهم مثلاً ، وبعد :
إن الغرض الأسمى من معرفة قواعد اللغة العربية هو أن النحو والصرف يصونان اللسان عن الخطأ في الكلام ، ويعصمان القلم عن الزللل في الكتابة. وعلوم البلاغة تهدي إلى تفهم إعجاز القرآن ، وتعين على تذوق الجمال في روائع الشعر وبدائع النثر. وعلم العروض يُعرف به صحيح وزن الشعر من فاسده. واللغة بحر يمد الكاتب بدرر الألفاظ ليصطفي منها ما يجعل كلامه أكثر
وضوحاً وإشراقا. والأمثال كنز ثمين من تراثنا القديم ملئ فطنة وحكمة وتجربة.
وقد عنى علماء العربية عصوراً بتهذيبها حتى بلغت غاية الكمال ، لكنهم
أكثروا من التعليل والتدليل ، وأقحموا أشياء من الفلسفة والفقه ، فصعب على الطلبة فهمها ، وعسر هضمها ، وراحوا يطالبون بتسهيلها وتيسيرها - ومطلبهم حق - لذلك ألفت هذا الكتاب وأودعته لباب ما في مطولات الأئمة المتقدمين. واستعنت على توضيح مسائل النحو والصرف بأمثلة وأبيات وتفسير وإعراب ، وعلى تيسير علوم البلاغة بذكر ما سهل لفظه ، وقرب معناه ، وعلى تسهيل علم العروض بأخذ الأصول ونبذ الفضول ، وعلى فوائد اللغة باصطفاء أطربها لفظا وأرخمها جوسا ، وعلى شرح الأمثال بإيراد ما يجانسها من آية أو حديث أو بيتأو مثل سائر. رجاء أن يفيد منها المتأدب الريضُ ، ويطرب لها الأديب الريس.
وقد جعلت الكتاب ثلاثة أقسام : أحدها في النحو والصرف ، والثاني في البلاغة والعروض ، والثالث في اللغة والأمثال. فلعلي وُفقتُ في عملي لما فيه غُنْيةٌ الطالب ، وبغية الراغب ، وبلغة الكاتب.
المؤلف
محمد علي السراج
هــــنا