ثقوب سوداء في نسيج الذاكرة (2).
اليوم أقفل تفاصيل روايتي معهم, وألصق على ظهورهم رسائل وداعي.
"7"
قالت له:
.منذ أن افترقنا وقلبي يتساقط كملامحك, انكساراً يصفعه انكسار,
يا لك من صدفةٍ يستحيل تكرارها!!
في مُحيّاكَ الخريفي تجتمع نكهة الأرض واصفرار العاصفة!
كم مرّة بحثتُ في عينيكَ عن الشيء الذي أضعتُه حين ارتميتُ في لعنة الظل المتآكل.
يا جنون روحي,
أحدَ عشر موتاً وأنا أقلّب صفحات الألم, فمتى تدركني لذّتي؟
أنت من علّمهم كيف يصطادون عن جبهتي أسفار الليل وقد انحسرت عنها أمتعة النهار..
أنت من سرّبت إليهم رجفة سبابةٍ تستأذنكَ النُطق.
وأنا...
ما أناْ إلا وجهٌ كباقي الوجوه,عندما تزدادُ خوضاً في دمي,ألملمُ حشرجات صمتي حتّى أتقن الذبول.
قلتُ لها:
مسختِ ليلكِ حتّى غدوتِ تشبهين جرحي.
فوداعاً يا هوائيّة...
"8"
كُسِرَتْ آخِر التيجان سهواً,
ومضيتَ تشهدُ أنني لا أكترثُ للراقصين في العتمة,
مفرداتي الصعبة كانت بحوزتك,
حتى بعثرتَ نبضي بين الترابِ رماداً تلهو به أمواج الهاربين من جفافك,
فعلام التلامزُ و المرور على قبري في ظلمة النهار؟؟!ا
كرهتُكَ درباً لا يقودني إلا إلى خيباتٍ أُخَر.
كرهتكَ صوماً لا يعود عليّ إلا بالجوعِ و المرض.
وفيٌّ هو الغيثُ حين يخالفك الميعاد,
لا تُطل الوقوف في ظل السماء,
فالبومة تحطّ فوق غصنها الأخير.
وداعاً أيها الأعور...
"9"
إن كُنتُ أرى الشرّ بالأحمر القاني,
فإنّي أجزمُ أنّك أشدّ زرقةً من نجمةٍ أشعلت ذاتَها في ركنٍ بعيد كي لا تحرق رُوّاد المحطّة الموقدة.
لستُ أنقى من أن يُجرّدني ضوء الرغبة من عذابي,
وأنتَ أترف من التغاضي عن دوائر طفولتي,
رغم ذلك يستعصي عليّ أن أنسى مذاق صمتك,
وقراراتك التي كانت تتجه معها كلّ الأسهم,
ما زلتُ أستُرُ عنكَ صوابي,
لكنني أعدكَ ألا أعودَ إلى صحراء الموت الثامن عشر..
ها أنا أختصرُ عليكَ جرحك, وأسافر كأيّ صورةٍ سقطت من حقيبتك المكتظّة بالصور.
يؤسفني أننا بعد وداعٍ طويل التقينا في زمانٍ خاطئ, ومكانٍ أكثر خطأ.
وداعاً أيّها الخطأ الذي لم أرتكب...
"10"
الدهرُ لا ينام,
وأنتم تعشقون الموت محقوناً بألوان الحياة,
وتجيدون ترتيل حبال الخيبة,
كي تنبتَ فوق العتبات سطور زنبقٍ أسود,
يخجل منها الصوت ويمشي في طريقي
محرابُ وجعي قد تصدّعت جدرانه, وأنتم عاكفون,
تحاولون طمس وجودي بلا وجودكم,
وتقتحمون عالمي بلا عالمكم,
وأنا التي كنت أتوسّل إليكم أن تأسروا مائي إلى ميعاد النكسة الأخرى
أقسمتُ ودمعي شاهدٌ أنني ما زلتُ أنزف,
رغم أُفولي سيظلّ الفجر فجري,
وسأبقى سيّدة البنفسج,
وأنتم مجرّد نتوء صفراء تستوطن جسدي.
أيّها الذائبون في دمي,
استنشقوا غربتكم في كياني,
ولكن...
لا تجمعوا أشياءكم ايذانا بالغروب,
فوجودكم يجعلني أجمل.
إلى لقاءٍ يا بقاياي التائهة.
فاطمة جرارعة