|
طالعتُ أرضك في السماءِ هميما |
وقرأتُ أسمكَ كالجروحِ أليما |
وجمعتُ ذكراً ، قد أناخ بخاطري |
طرباً ، وأوزعني شدى و غنيما |
وشممتُ عطرك في الأثير فعانقت |
روحي بطيبك بلسماً ونسيما |
ونظرتُ عبر نوافذي فأجابني |
أفقُ الجمال حضارةً وصميما |
ودخلتُ فجّاً والغيوم سواتر |
فأحالها شوقي اللهيب هشيما |
فرأيت ليلاً والعراق ضياءه |
كالبدر تغبطه النجومُ وسيما |
يعلو ، وتعلو في جوانبه الدّما |
ويصيرُ لون الخافقين رثيما |
وشعرتُ أمناً والممات يحيفني |
فالموتُ أضحى في العراق نعيما |
وملكتُ دفئاُ كالرضيع إذ أعتلى |
صدر الحنانِ وأسهب التنويما |
ورأيتهُ صرحاً يلملمه الرّدى |
نحوَ المعالي سالماً وقويما |
تبقى الجنائنُ في رباك علامة |
ويطولُ سومرُ حاضراً وقديما |
وهي المسلةُ لا تزال كأنّها |
ثغر ويحسبها القضاةُ نديما |
وعبرت زاخو والشمال ونينوى |
وقربت بغداد الفداء كليما |
ورفعتُ قلبي للسلام محيّيا |
أرضَ الشهادة والفدى وكظيما |
وعبرتُ بابلَ ثمّ واسط لاهفاً |
ورمقتُ عيني للجنوب هميما |
ولمحتُ ثغرَ الرافدين عجالة |
كالفجرِ يمحقُ ظلمةً وبهيما |
الأرضُ حمراءٌ وزهرٌ أحمرٌ |
والجذر تسقيه النحورُ سديما |
ما كان يبقى في الإباء ويرتقي |
أو يعتلي فوق النجومِ رقيما |
لولا الحناجر والضحايا والتقى |
وقلوب شعب لم تر التسليما |
والماجداتُ الى الفخار بشائرٌ |
يعلو بهنّ دمُ العراق عظيما |
لم تُدنِ قدرك للشموخ مناصب |
أو كنت ترجو في سواك زعيما |
بل كان شعبك لا يزال كأنّه |
قلبٌ يطلّ على الممات كريما |
فرأيتُ أرضك كالبدورِ تنيرها |
شمسُ المقابرش , لم تر التعتيما |
عشتُ العقودَ عن المنابع مبعد |
والبعدُ يفتلُ في الصدورِ غريما |
بالليل يكرمني التهجدُ غفوةً |
والدمعُ يُسدي للقذى الترميما |
أحيا التنائي والفراقَ كأنّني |
في العيدِ أحيا مرغماً ويتيما |
ونسوك يا ساقي العراق بنحره |
فيضاً يفيض على الغمامِ نقيما |
لولاك ما رفعوا نواصي عزة |
أو قارعوا في الرافدين حسوما |
هل يمسحون عن اليتيم مآتماً |
أو ينصرون من الظليم مظيما |
أيتامُ شعبي لن يعيشوا ذلة |
أو يلبسوا فوق الضلوعِ رديما |
علماً تطول على الفخارِ مرفراً |
بيدِ الشهيدِ ، وترتقي التعظيما |
وتعيشُ رغم الموجعات معافياً |
وتكون فوق العاتيات سَهوما |
ستضل في قلبي أنين مواجع |
تعلو ، فأعلو قامةً وشميما |
كالعاشقين إذا ذكرتك مولعاً |
والهائمين الى الكواعبِ هيما |
ما دمت تنزف والفراق يلمني |
سأعيش دهري يا عراق فطيما |
ما دمت تركعُ للسماء موحِداً |
ستضل سيفاً للسلامِ صروما |
وتجيبك الأقدارُ عند نوازع |
وتزيحُ عنك المانعاتُ حتوما |
القيدُ حولك كالعظام تحيله |
قيمُ الحرائر والنحورُ رميما |
ما نام في أرض الأباة أذلةٌ |
أو ترتضي دون التقاة زنيما |
سيدومُ في أرض العراق ويرتقي |
نهجُ السماء مبادئاً ورسوما |
ويقومُ في ظل الصّلاة مُوحَدا |
يبني المفاخرَ شامخاً معصوما |
لن يرتضي شعبُ المبادئ مُلحِدا |
او جاهلاً يعلو الزمامَ دميما |
سيضلُ أسمك يا بلادي رايةً |
فوق الصدور ومعلماً وتميما |
وتكون فينا والسلام هوية |
فخراً بها نطوي الزمانَ صريما |
وعبرت أرضك ساعة فحسبتها |
الإلهامَ والتاريخَ والتقويما |
وعبرت أرضك والعناقُ يشدّني |
بالرافدين أصالةً وحميما |