توكأت على عكاز الذاكرة , عله يرشدني لخيط لم أتبينه ما إذا كان ذلك الخيط هو الفاصل بين الليل والنهار , أم الحد الأدنى الذي يقاس به موضع التقاء الحقيقة بالخيال؟
وما سيترتب على ذلك من الأخذ بالاعتبار أحق بأن يُتّبع ..
قادتني ذاكرة الحرف لأوائل العبق القادم من تلك النافذة التي فتحها صوتك وهو يطرق بابي بأصابع فوحان عطرٍ مازالت حتى الآن تحتار بتسميته وتصنيفه مصادر كتب تاريخ الروائح الزكية .
تثاقلت خطواتي على الدرب قليلا !! ليس تكاسلا , وليس كي يفسر لي الوقت ما عجزت عنه مخالب ذهني تواكلا .. بل لأني قليلا ما أطيع من الأصوات رجع الصدى ومن التكوينات تلك الظلال المتمثلة في تكوين "الكائن" اترك ذلك الأمر للجدران الواهية التي تجيد القبض على الصدى حتى تردده , وتحسن القبض على الظلال حتى ترسمها .. وعندما علمت بأن طارق الباب لم يكن سوى برق سبق الرعد مثولا على باب القلب , التمست عذرا لرهبتي, وتفوقتْ عليها رغبتي لمعرفة من يقف على الباب ..ويا أيها الباب هل علمت بأن السيد "البرق" يقف الآن أمامك ؟ وعرفت انه لا من احد يقف على الباب لأن هناك من دخل القلب دون أن يـ طرق الباب.
في صبيحة يوم رست فيه مراكبك التترى في خليج صمتي , لم تتردد يدي لرفع جانبا من الخمار لتحتضن العيون مرآك , وطفق القلب يصافح العبق القادم إلينا حيث يخبؤك الموعد في ركن الصدفة , عندما تناهت إلى سمعي ثمة خطوات مقبلة , لم تخطئ صنارة حدسي عندما تنبأت بأن القادم الموعود هو .. أنت ..
وككل أهل الشواطئ لا ارسم على محياي ملامح الدهشة على محياتي ..حتى وان أغرقتني تلك الدهشة عندما ألبستني ذاك الثوب المطرز بفسيفساء حضورك ..
وكم لحضورك من سطوة حين تقنع كل المراكب بإلغاء الرحلات ..
وكم يقنع حضورك النوى بالعزوف عن العبث برعايا البحر .. عبر شواطئ تتوتر تياراتها على حين غرة من التقاء اللقاء
وكم فاق عطرك على النواقيس وأجراس الإنذارات وأبواق الحروب لأن له دوياً فاق كل الأصوات المنذرة حتى كان رسولا ينبئنا بمقدمك ..
وها هنا القلب ليمتثل بين يديك كتابا لا تتسع لاحتضان غلافيه سوى يديك..يا ابلغ من قرأه