في تشرين أيضاً ..
حين تستقيل السماء من وضيفتها ..
وينسحب القمر من ليلي ..
وتعتزل الغيوم تجاربها ..
وتهيم ضمئاً ..
على وجهها أرضي ..
ستعم فوضى الريح ..
حتماً ستعم تلك الفوضى ..
لتعصفني .. وأوراقي ..
ويبقى وحده عشقي ..
بلا رعد .. ولا برق ..
وحيداً قاحل المطر ...
******
في تشرين ايضا ..
حين تحجب الشمس وجهها عني ..
وتسير نفسي بلا رسمي ..
ولا ظلي ..
ستغدو بدونها ..
حدود ذاكرتي ..
كما البحر..
بلا شرق ..
ولا غرب ..
ولا شفق ..
******
في تشرين ايضاً ..
حين تبدو خرائطي الصماء بلا جزر ..
تتمايع الالوان في تضاريسها ..
عاى عجلٍ ..
بلا خجلٍ ..
وتعود لعصرها الاول ..
لكنها ..
بلا أصفر ..
ولا أزرق .. ولا أحمر ..
سيموت عندها عهداً ..
ويولد بعدها وعداً ..
سيبقى خيالنا الصيفي ..
بلا عنب .. ولا ليمون .. ولا قـُزَح ..
******
في تشرين أيضاً ..
يحاول الخريف عبثاً أن يتشبث فيما تبقى من صيفي ..
لكن في قوانيني المناخية ..
لا يأتني الشتاء بغتة .. ولا العواصف ..
مثل فراق الاحبة .. او الموت ..
لقد عودني على الانتظار ..
خطوة .. خطوه ..
في لعبة التحايل على الطبيعة ..
وفلسفة التأقلم مع ايقاع الجسد ..
لكن الامر مختلف في الجزائر ..
******
في تشرين أيضاً ..
يكثر اللوم .. والعتاب ..
وتتزاحم فينا مدن الشك ..
فيه تعبث بنا ذكرياتنا ..
فنستدعي كل حاجاتنا ..
المقاعد ..
الاشجار..
الملاعق ..
حلوى اللوز المعتقة بماء الكرز ..
ولغتنا المقتبسة من ذاكرة الجسد ..
حسيبة .. بنكهتها حين اترك يدها ..
فلا تتركني ابداً ..
تُوُدِعني طعمها الشهي .. وعطرها ..
ومشفاها الكبير ..
وناعورتها المضيئه ..
ومشترياتي لعائلتي الكبيره ..
واشواقي وحنيني لتشرين ..
******
في تشرين أيضاً ..
نخرج عن عاداتنا .. فنلبس عباءة الصدق ..
فيه نعبث بأسماء الانبياء التي نحملها ..
ونلوثها ..
تشرين يأتي ..
وتنتهي معه كل الاشياء ...