رثاء أب
شعر: بيروك محمد نعمة
تعذّر في رحيلك مـا أقـولُ
كأن الشعرَ بعدك مستحيـلُ
فهل أشدو بحبك في قصيـدٍ
وهذا الحبُّ ليس لـه مثيـلُ
تسمّر ذاهلاً شيطان شعـري
يحاول أن يقـولَ ولا يقـولُ
فكيف أقول شعراً لستُ أدري
أيا رجلاً تَحيرُ لـهُ العقـولُ
وهل أبكيك أم أشدو بفخـرٍ
وكلتـا حالتـيَّ لهـا دليـلُ
فلا شدوي إذا أقدمت يكفي
ولا دون الرّدى حزنٌ يحـولُ
وما نفعُ البكاءِ ولا التباهـي
اذا كان الرحيلُ هو الرحيـلُ
أردّد عنك ما أُسميـه شعـراً
بحورُ الشعرِ وافرهـا بخيـلُ
وما سرّ الدموعِ على خدودي
وما للقلبِ يزهـو إذ تسيـلُ
وما خطبُ النساءِ بكينَ حـراً
وما خطبُ الرجالِ لهم عويلُ
فمذ فارقتنا في الفجر قامـت
بلا كـللٍ تؤبنـك الفلـولُ
تعيدُ بداخلي ذكرى تقضّـت
لها وقـعٌ لـهُ طعـمٌ جميـلُ
فكم يغلى بذكرك كلُ شـيءٍ
وكم يحلو بحضرتـك المثـولُ
وما أحلاك تمشي فـي انحنـاءٍ
وما أحلاك طـوراً إذ تميـلُ
وما أحلاك تغفو فـي هـدوءٍ
إذا ما حلَ في الـدّارِ المقيـلُ
وتحمدُ ربّ هذا الكون دوماً
فلا ينسيكه الخطبُ المهـولُ
كأني بالجراحِ وقـد ترامـتْ
تناثر فوقهـا صبـرٌ جميـلُ
وما أحلاك تجلسُ فـي وقـارٍ
قنوعـاً لا تمـنّ ولا تجـولُ
وما أحلاك تحكي عن قديـمٍ
له ذكرى تحفّ بها الطلـولُ
ومَا أحلى ابتسامتكَ الثُريـا
إذا داومتَها شُفـيَ الغليـلُ
شموخاً بالتواضـعِ مستميتـاً
وأنتَ لخالقِ الكونِ الذّليـلُ
وما أحلاك حتى حين تبـدو
غضوباً ليس يجهلك الجهـولُ
وما أحلاك تنهرني بشجـب ٍ
وشجبك كالأثير لـه قبـولُ
عُرفت بنسلك المعطاءِ دومـاً
على أيمانك الخيـرُ الجزيـلُ
فما ضنّ الجدود على نزيـلٍ
وما ضنّوا وأنت لهمْ سليـلُ
بك النزلاءِ حلوُّ مـن قديـمٍ
نزيـلاً يستـدلّ بـه نزيـلُ
وقد حملتنـي حمـلاً ثقيـلاً
فحظي من خصالك يستحيلُ
تقولُ لنا: الكرامةُ كل شـيءٍ
فإن زالت فصاحبهـا يـزولُ
ليرحمك الرحيمُ أيـا رحيمـاً
ويشفع فيـك لله الرّسـولُ
وتلك سبيلنا نمضـي ونأتـي
إذا ما راح جيلٌ حل جيـلُ
وفاتك يوم عيد يـوم تقـوى
قبيل الفجر ليس لهـا مثيـلُ
وتكفي في الدّنا ذكراك عندي
يلازمنـي بهـا ظـل ٌظليـلُ
فيا أبتي وداعـاً مـن فـؤادٍ
حللت به نزيـلاً لا يـزولُ
فراح على المدى يشدو بِحـرّ
وداعاً أيها الرجـلُ الفضيـلُ