من "دراسات في النحو" لصلاح الدين الزعبلاوي
ومما يخطئ به الكتَّاب صوغ (استفعل) إذا كانت عينه ولامه حرفًا مشددًا مدغمًا، نحو (استبدَّ)، فالدال المشددة المدغمة هي عين الفعل ولامه، فإذا أرادوا إلحاق تاء الفاعل بالفعل قالوا: (استبديْت) بإضافة الياء الساكنة بعد الدال المشددة تخفيفًا، كما قالوا في (استقلَّ) و(استغلَّ): (استقّليت واستغّليت) والقاعدة في ذلك فك الإدغام في الحرف المشدد وهو الدال في (استبدَّ) واللام في (استقلَّ واستغلَّ)، فتقول: (استبددتُ واستقللتُ واستغللت)، كما تقول: استكتبت، ولا وجه لإدخال الياء الساكنة البتة.
وقد يلجأ العرب إلى التخفيف أحيانًا إذا تكرر الحرف فيبدلون الأخير منه ياء ساكنة. قال ابن جني في الخصائص (ج2، ص 91 و92): "ومنه قصَّيت أظفاري وهو من لفظ قصص، وقد آل بالصنعة إلى لفظ قصى. وجاء تقضّضّ فأحالوه إلى تقضّى استثقالًا لتكرر الحرف، وقالوا: تقضَّى البازي إذا هوى ليقع، بإبدال الضاد الثانية ياء، كما قالوا: تظنّى بدلًا من تظنن، وتمطى بدلًا من تمطط، وتقصّى بدلًا من تقصص وتسرَّى بدلًا من تسرر"، وأردف: "على أن هذه الأمثلة المسموعة تحفظ ولا يقاس عليها.
وقد عقد سيبويه في كتابه (2 /401)، فصلًا في ذلك قال فيه: "هذا باب ما شذَّ فأبدل مكان اللام ياء لكراهية التضعيف". وفعل نحو ذلك ابن السكّيت في كتابه (القلب والإبدال)، وأبو الطيب اللغوي في كتابه (الإبدال): كما ذكره ابن سيده في المخصص (ج13). وآخرون.
ونحا نحو ذلك كثير من المحدثين لاسيما الدكتور إبراهيم أنيس في (الأصوات اللغوية/126)، والدكتور عبد العزيز مطر في كتابه (لحن العامة في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة)، وسواهما.