الرَّحيل
أمّا وقدْ أزِفَ الرحيلُ مُوَدِّعاً
يُجري الأنينَ ، و حالكُ الليلِ ادلهَمْ
قـَدْ فـَجّرتْ أكمامُهُ الحَمراءُ من
آلائِهِ في العُمْرِ : أسبابَ العدَمْ
ونسائمُ الفجرِ الخضيبةِ بالنـَّدى
منشيّةً ! قدْ باتَ يعصرُها الألـَمْ
ومعالمُ الغَسَقِ المظلـّـلِ بالحريـ
قِ يُغلّ أشذاءَ الأصائلِ بالحُمَمْ
هلْ لي مناصٌ أنْ يُعادَ ليَ الشَّبا
بُ ، فأستعيدَ به الحياةَ وأُسْتـَرَمْ
هرمٌ هي الدنيا ، وقدْ حانَ النزو
لُ . وحانَ لي الترحالُ عن ذاك الهرمْ
فلقد عبرتُ الذروةَ الحمـقاءَ معـ
تَمِراً بها ألأشجانَ ، واجتزتُ القِممْ
لن أنبشَ العَهدَ القديمَ ، فإنـّني
إنْ ترجعِ الأيامُ ، يحصُدْني الألمْ
لاحمّ فيه يغيثني أملاً ولا
منْ غردَقٍ يروي ، ولا أسْمالِ رَمْ
إنَّ الهروبَ إلى الوراءِ - بمثلِ ما
يُجـري الحنينُ - كما الهروبُ إلى العدَمْ
لمياءُ ..يا قدري المزيّنُ في الشقا
ءِ و في المغانمِ والسعادةِ والنِعَمْ
قد كنتِ لي نِعْمَ الرفيقةِ ، أستنيـ
رُ بوضْحِها حُلكَ المجاهِلِ والظُلَمْ
فكما رحيقُ الزَّهرِ ، شهـدُك ، ياحبيـ
بةُ ، في الضَّميرِ وفي الشِّغافِ ، قد انخَتَمْ
وبمثلِ ما عبقَ التذكّرُ في الضميـ
رِ من الشذى ، أَجرى التمائمَ ، واحتدمْ
ما أبدعَ اللحْنَ الـَّذي يزدانُه الـ
ـحبُّ الذي أرْخيتِ في بحرِ النغمْ
***
زينُ النِّساءِ تعَفـُّفاً ، كمْ أسبَغَتْ
قلبي الحنانَ ، وضَمَّدتْ حزني ، وكمْ
لا أذكرُ الأيـَّامَ إلا حُلوةً
في رفقـَةِ القلبِ الحَنونِ المعتصَمْ
فقلوبُنا محْضُ الودادِ ، وعهدُنا
وَسَمَ العفافُ لحونـَه ، وبهِ اتـَّسمْ
* * *
لاتسأليني كيفَ كنتُ ..وأينَ صرْ
تُ (مِنَ الحَياةِ) ، وفيم يخذِلـُني الهَرَمْ
في نصفِ قرنٍ ما رغبـتُ ، حبيبتي ،
إلـّا بما كتَبَ الإلهُ وما رَسَمْ
مصفوفة ٌ أقدارُنا .. صفَّ الإلـ
ـهِ ، و يومُنا رهنُ الصحائفِ والقلم
* * *
ماجد الملاذي