بسم الله الرحمن الرحيم
عولمة الجريمة
عبدالغني خلف الله
لم تعد الظواهر الإجرامية الغريبة بعيدة عن مجتمعاتنا .. والجميع قد تابع دون ريب تلك الجريمة الرهيبة التي أصابت المجتمع الأمريكي بالصدمة والتي وقعت فصولها في العام 1995 .. وكانت الضحية طفلة في السادسة من العمر تعيش في كنف والديها في أمن وأمان وكانت طفلة بحق رائعة الجمال وشديدة الذكاء .. قدمتها قناة ( سي. أن . أن .) في لقطات وهي ترتدي ملابس أنيقة ..تقدم فواصل من الغناء في حفل عام حيث كان المتهم من ضمن الحضور .. وقد لفت انتباهي أن ملابس تلك الصغيرة كانت لا تخلو من شيء من التبرج .. ومشكلة الآباءوالأمهات بصفة عامة أنهم يؤمنون ببراءة ونقاء كل الناس حيال طفلة صغيرة بغض النظر عن شكل الثياب التي ترتديها ..إنها طفلة فحسب .. فتجدهم يبالغون في تجميل أطفالهم في وقت أضحي فيه المجتمع أي مجتمع لا يخلو تماماً من ذوي النفوس المريضة ..وفي اعتقادي أن الجمال في البساطة وليس في التبرج حتي علي مستوي الأطفال .. المهم أن المتهم تربص بتلك الطفلة الجميلة وقام باغتصابها وقتلها وإخفاء جثتهاومن ثمّ مغادرة أمريكا ليعيش في إحدي دول شرق آسيا .. وبذلت الشرطة الإمريكية جهوداً مضنية للعثور عليه دون جدوي .. وقد استضاف مقدم البرنامج اليومي المشهور ( لاري كنق ) والدة الطفلة بعد مضي عام علي مقتل طفلتها وكانت حزينة ومحطمة لفقد وحيدتها وأنحت باللائمة علي الشرطة واتهمتها بالتقصير ثم توفيت المسكينة في العام 2000 م .. ولكن إرادة الله الغالبة أوقعت الجاني في مصيدة الشرطة التي لم تيأس ولم تستسلم فيقبض علي الجاني ويتم ترحيله إلي أمريكا ليدلي باعتراف كامل بجريمته البشعة ويقوم بتمثيل الجريمة في مسرحها الحقيقي .. ودعونا نتعلم من أخطاء المجتمعات الأخري إذ لا يجب أن نفترض أن مجتمعنا لا تشوبه نواقص هنا أو هناك وأن الكل متدين ونظيف .. وأول ما يجب أن نلتفت إليه هو المتابعة الدقيقة لأطفالنا في غدوهم ورواحهم من مدارسهم لنوفر لهم أكبر قدر من السلامة والأمان..ومراقبتهم وهم يلهون ويلعبون في الشارع ..لأن الجريمة ذلك الكائن الهلامي لا تعترف بالحدود والأعراف والتقاليد ..وما قصة المتهم الذي قام بقتل طفل في السابعة من العمر قبل أيام في إحدي مدن السودان ببعيدة عن الأذهان وإذا كانت مقتضيات التحري والعدالة تمنعنا من الخوض في قضايا لا تزال تحت التحري فإننا سننتظر لحين الإنتهاء من التحري والمحاكمة لنعود ونقرأ ونحلل ونستنتج من حيثيات تلك الجريمة ما يساعدنا في تمكين كل الآباء والأمهات من حماية فلذات أكبادهم من السلوك الإجرامي البغيض القادم إلينا من وراء المحيطات ليثبت عملياً عولمة الجريمة والله الموفق .