بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مولاي وكفى، والصلاة والسلام على الخليل المصطفى
اما بعد
فلا يخفى على الكرام فضل العلم ومكانته، ولا شرف أهله وفضلهم، فيكفي بيانا لمرتبة العلم وأهله في كتابه أن قرن شهادتهم بشهادة الملائكة وبشهادته على تفرده بالالوهية فقال سبحانه من سورة آل عمران {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)} "وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام"(1)
ويكفي في بيان شرفهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ورثة الأنبياء فيما أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث قيس بن كثير قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء وهو بدمشق
فقال: ما أقدمك يا أخي؟
فقال: حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أماجئت لحاجة ؟
قال: لا.
قال أما قدمت لتجارة؟
قال: لا. قال: ما جئت إلا في طلب هذا الحديث ؟
قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:
"من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواب، إن العلماء ورثة الأنبياء؛ إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما؛ إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر".(2)
وقد ألف في العلم مطولات ومختصرات، وألقيت فيه وعقدت دروس ومحاضرات، سواء من حيث فضله واهله او من حيث طريقة طلبه ومسلك تعلمه ومنهاج التدرج فيه.
وقد بدا لي أن أفتح صفحة متجددة بإذن الله، أتتبع فيها نصائح العلماء من قدامى ومعاصرين(3) في بيان حقيقة العلم فقد تخفى على الكثيرين مما يلبس بين العالم والمتعالم وبين طالب العلم على بصيرة وغيره.
ولبيان سبيل الطلب ومنهج التعلم وآدابه وطرق الاستدلال والبحث والتصور للمسائل وغيرها مما هو ملازم للعلم جملة.
ولبيان بعض صفحات من صبر الأئمة عليه وجهادهم فيه.
وهي صفحة كلنا فيها كأسنان المشط، وجميعنا على سنن قول إمام السنة أحمد بن حنبل "مع المحبرة إلى المقبرة".
وهي مطروحة لكل أحبتي وأخواتي إثراء أو حوارا ونقاشا، فأرجو أن يبارك الله فيها فينفعنا وإياكم منها، وأن يتقبلها في سبيله ومرضاته.
الناس في جهة التمثيل أكفاء *** أبوهم آدم والأم حواء
نفس كنفس وأرواح مشاكلة *** وأعظم خلقت فيهم وأعضاء
فإن يك لهم من أصلهم حسب *** يفاخرون به: فالطين والماء
ما الفضل إلا لأهل العلم أنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** وللرجال على الأفعال أسماء
وضد كل امرئ ما كان يجهله *** والجاهلون لأهل العلم أعداء
-----------------------------
(1) تفسير ابن كثير 3/ 34
(2) د3643 ت2682 وحسنه الالباني في التعليقات الحسان 88
(3) وقد أعتمد عليهم اكثر من القدامى لقرب سياق كلامهم من الافهام ويسره