وقت الغداء
(ق.ق.ج)
ينحني على كرسيه كعجوز هدهُ التعب ، وعيناه لاتبارح الشارع الأسود وعلى طوله يمتد بصره ، يترقب مرورها عبر النافذة وهي عائدة من مدرستها تشنق خطواتها أنفاسه ، يَعدُّ خطواتها بدقات قلبه المتسارعة ، ترفرف أشواقه كحمامة فوق ظلها ، تصحبها نظراته حتى يسوَد الشارع في عينيه من جديد ...
كان قد رأها مرة واحدة وجها لوجه في المكتبة العامة، مازال يتذكر ابتسامتها، ثوانٍ قليلة
تسلل فيها الإعجاب إلى قلبه يحثهُ على رؤيتها كل يوم وفي داخله يمتزج الخجل ، والخوف من لقائها مرة أخرى ، ولكن إمارات العشق البرئ تُزهر في قلبه يوما بعد يوم..
لحظات أخرى يمضيها على النافذة فعطرها مازال يمده بالحنين ، يلبث قليلا ثم يبادر خلده نفس الحديث..
- إلى متى ستبقى على هذه الحال ؛ تأتي بك الآمال ، وتذهب بكَ الحسرات ؟
- إدمان قلبي شفاءهُ مُستعصٍ على عقلي ..!
- وإلى متى ستبقى تجرُ علائم الاستفهام خلفك ؟
- لابد من يوم وأقول لها إني أحبك..
- كيف ؟
هدَ السؤال قواه ، تاه في بحرالإجابة ..!
جلسَ مطرقاً رأسه، إستفاق للتو من نوبة أفكاره..
، نزلت دمعة من عينهِ على خده ، تحسس طعمها المالح في فمه
وضع سبابتهُ على شفتيه يطبقهما يحبس صوت دمعته
ويعتصر أنفه ليكتم نشيج حزنه الازلي..!
فأحس بيدٍ تربتُ على كتفه .. إنها ابتسامة أمه الحنونة
وإشارة منها.. حان وقت الغداء ...
محمد مشعل الكَريشي / 16-1-2013