زمانٌ مرّ مُذْ فرّت عَصافيري
كما واخضرّتِ الحيطانُ واصفرّتْ
سطوحُ المنزلِ الحَيْرى
ورحتُ أعانِقُ الذّكرى
بِبَيْتٍ كانَ يَحْضِنُنا
يُهَدْهِدُ حُلْمَنا بِيَدَيْهِ
يَسْكُبُنا
على جُدْرانِهِ الصَمّاء إكسيرًا
مِنَ النّجوى
لعلّ الحظَّ يُسعِفُني
فألمِسُ ريشَةً في العُشِّ
تَذْكُرُ طائِرًا وَلّى
ولكنّي
وَجَدْتُ العُشَّ مَهْدومًا
لَقيتُ الرّيحَ تذروهُ
تُبَعْثِرُ لَهْفَتي مَعَهُ
وحَطّتْ من رِداءِ الرّيحِ
بَعْضُ وُرَيْقَةٍ نَشْوى
فَراحَ الثّغْرُ يَلْثُمُها
بشَوقِ الطّفلِ للأمِّ
وتَوقِ الماءِ للنّهرِ
وعانَقَ كَفّيَ الولهانُ حيرَتَها
يُسائِلُها
تُرى هلْ صافَحَتْ يَوْمًا عَصافيري؟
وهل وهَبَت لَهُمْ حَقًّا
قليلاً من فُتاتِ الدّفءِ والأمَلِ؟
.
.
.
فَقالَتْ لي مُهامِسَةً
ذَري للرّيح ما للرّيحِ غالِيَتي
وَلا تَدَعي
خُواءَ هَواجِسِ الماضي
يَقُصّ ضَفائِرَ الأحْلامِ
مِنْ غَدِكِ
.
.
.
وَمَلّتْ من مخاطَبَتي
وُرَيْقَةُ عُشِّيَ الصّفراءُ
فانطّلَقَتْ
تُراقِصُها
أيادي الرّيحِ ثانِيَةً
وتومىءُ لي بِجَفْنَيْها
مُوَدّعَةً
.
.
.
وبِتُّ أنا أراقِبُها
وَتُندي دَمعَتي خَدّي
وَتَعْصِفُ حيرَتي بِدَمي
وطارَتْ صَرْخَتي في الرّيحِ هارِبَةً
فَما عادَ الصّدى يُجدي
وما عادَت كُلَيْماتي
سِوى أضغاثِ أحلامٍ
بِميناءِ الفَنا تَذوي
وَعُدتُ أجُرُّ
أنْفاسي
وأوسِدُ في دَمي جَمرًا
أثارَ لهيبَ إحساسي
الوافر = مفاعلتن وجوازاتها