- أُعطيكَ ما أَمْلكُ مُقابل هذا الحِصان .
- حلمٌ بَعيد ، حلمٌ بعيدٌ أنْ أدعكَ تَمْتلكُ " المُحَجّل"
- ولكن..لي ما لكَ فيه !
- لا ..وهَبَني إِياهُ أبي ، هوَ والبَغْلةُ والدّار .
- وأنا أخوك الشّقيق !!ماذا أَبقيْتَ لي؟ وكيف ورّثك إياه أبي ؟ بأي حق تستولي على كل شيء..
- ألا تكفيكَ حجرة في الدار ؟!!
- لا..أريد المحجل ، وإلا احتكمتُ للأهلِ والجيران ، لي كما لك في إِرْثِ أبي ..
- اصْمُتْ...
حسناً ..أعطيك البغلةَ ونصف الدار و نعودُ إخوان..
- بل أريد المحجل !
هبني المحجل ولن تراني بعد الآن.
- نلعب ؛ أهو أنت؟
- أهو وقتُ لعبٍ يا أخي؟! أنا أملي وحلمي المحجل ..
- نلعب لعبة أهو أنت...اكسب المحجل ..او تخسر كل شيء .
أو خذ البغلة ونصف الدار!
- حسنا ..نلعب أهو أنت.
عاد في اليومِ الثاني وقد لبس رداءَ الشيوخِ وتلثّم بغطاءٍ أغْبر .
طَرق الباب ...
- من ؟
- مسكينٌ على باب الله.
- هو أنت..هو أنت...خسِرتَ الرّهان ، وبقيَ لك كرتان ، فقط كرتان!
رجع خائبا
-سأمتلك المحجل!
انتظر بضعَة أيام، ولبس ثوباً للنساء ، طرق بلطفٍ الباب
- من بالباب ؟
رقّق صوته وقال :
- أهذا منزل أم سلمان؟
أطلق أخوه الضحكات: هو أنت..هو أنت...ما استطعت أن تخفي يديك المعروقتين..بقي لك مرة واحدة...
أحس بانكسار،هجر الديار،قد ضاع "المحجل" .
هام بالصحراء، لوحت وجهَهُ شمسُ الصيفِ وتشقّقت قدماه ،انْطفأ الأملُ في عينيه.
كان حلماً جميلاً "المحجل"
في ليلة غاب الدفءُ، اقترب غدرُ الإنسانِ على رائحةِ الروح ودفء الأنفاس.
نهش وجهه ، وسال الدم الحار .
لكنه استطاع بيد أن يخنق الثعبان واليد الأخرى تكف الدم عن الجريان.
وابتعد الحلم أكثر.
حنّ للإياب ، للأهلِ و الأصحاب
مرّ على أخيهِ وقال :
- سلام يا صاحب الدار
- وعليكم السلام يا شيخ..تفضل معنا للإفطار ..
- ألم تعرفني ؟
-أهو أنت؟
- هبني المحجل .. ...لي هو الآن.
- ووجهك؟!
- نعم .هذا وجهي ....هبني المحجل!
نكس أخوه رأسه..
أخذ البغلة و سلمه المحجل .
.
.
بقفزةٍ رشيقةٍ كان يمتطيه.
بقفزة قصيرةٍ ، عبرَ كلَّ الوديان
ترك اللجامَ وفتحَ ذراعيْه يحضنُ الدنيا
حلّق وطار
: امتلكت "المحجل" .
------------
ياسمين عبدالله /2001