هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

الحب نار،الكره نار،الصابر كالقابض عالجمر،المثابر يحترق اصرارا،و الحقد نار في الصدر..
أ علينا أن نحترق دائما ؟ أو نحرق أشياء و أحاسيسا لنكون ؟
أو لأننا خلقنا من طين فليس يسوّي أو يهدّ بُنياننا إلا النار؟

ـ للفائدة ـ
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
روى البُخاريّ ومسلم من حديث عبدالله بن عُمر بن الخطَّاب - رضِي الله عنْهُما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((انطلق ثلاثةُ رهْطٍ ممَّن كان قبلكم، حتَّى أوَوا المبيتَ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرتْ صخرةٌ من الجبل فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصَّخرة إلاَّ أن تدعوا الله بصالِح أعمالكم، فقال رجُل منهم: اللَّهُمَّ كان لي أبَوانِ شيْخان كبيران، وكنت لا أغْبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي في طلب شيءٍ يومًا فلم أرُح عليهما حتَّى ناما، فحلبتُ لهُما غبوقَهما فوجدتُهما نائمَين، وكرهت أن أغبقَ قبلَهما أهلاً أو مالاً، فلبثْتُ والقدح على يدي أنتظِر استيقاظَهُما حتَّى برق الفجْر، فاستيْقَظا فشرِبَا غبوقَهما، اللَّهُمَّ إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتِغاء وجْهِك، ففرِّج عنَّا ما نحن فيه من هذه الصَّخرة، فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج))، قال النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((وقال الآخَر: اللَّهُمَّ كانتْ لي بنتُ عمّ، كانت أحبَّ النَّاس إليَّ، فأردتُها عن نفسِها، فامتنعتْ منِّي حتَّى ألمَّت بها سَنةٌ من السنين، فجاءتْني فأعطيتُها عشرين ومائة دينار على أن تُخلي بيْني وبين نفسِها، ففعلتْ، حتَّى إذا قدرتُ عليْها قالت: لا أحلّ لك أن تفضَّ الخاتم إلاَّ بحقِّه، فتحرَّجت من الوقوع عليْها، فانصرفتُ عنْها وهي أحبُّ النَّاس إليَّ، وتركت الذَّهَب الَّذي أعطيتُها، اللَّهُمَّ إن كنتُ فعلت ابتغاء وجهِك، فافْرُج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصَّخرة غير أنَّهم لا يستطيعون الخروج منها))، قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((وقال الثَّالث: اللَّهُمَّ إنّي استأجرتُ أُجراءَ فأعطيْتُهم أجرَهم غير رجُل واحدٍ ترَك الَّذي له وذهب، فثمَّرت أجْرَه حتَّى كثُرَت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله، أدِّ إليَّ أجْري، فقلتُ له: كلُّ ما ترى من أجرِك، من الإبل والبقر والغنم والرَّقيق، فقال: يا عبد الله، لا تستهزئْ بي، فقلت: إنِّي لا أستهزئُ بك، فأخَذه كلَّه فاستاقَه، فلم يترك منْه شيئًا، اللَّهُمَّ فإن كنت فعلتُ ذلك ابتِغاء وجْهِك، فافرجْ عنَّا ما نحن فيه، فانفرجتِ الصَّخرة، فخرجوا يَمشون))..

رغم أن الغياب عذاب؛إلا أن قليله يوقد جذوات اللهفة و يختبر صدق الاحساس.. فنحن لا نشتاق إلا لمن كان لحضورهم بالغ الأثر فينا ..

دعني أتعوّد غيابك ،أظنني ألفت حضورك ..

غيابك عنّي ذنب،معذّبي أنت ..
ايذاء الغير معصية، و كنت السبب في ايلامي،تركت نار الشوق تحرقني،و رماح الأسى نواهل منّي.. بتّ هانئ البال و جارة القلب باتت تتقلب على الجمر..
ألا كفّرت عن ذنبك و طالبت بالصفح ..فالله لا يغفر خطيئة العبد ضد العبد إن لم يقرّ المظلوم بالصفح.. .

قال: قولي لي أين أنا منكِ ؟
قلت: أظنك تعلم الجواب.
قال : بلى و لكن ليطمئن قلبي

قلت : تريث و تمهل قليلا،أمهلني لحظتين ألملم شتات أنفاسي،و أجمع ما تبعثر من نبضاتي الهاربة إليك، كتبت عنك كثيرا و أظنك قرأت بالقلب فأنا لا أكتب بالقلم، سل حروفي تنبئك أنك الساكن في جوف لغتي و المقيم في صدر أبجديتي.. سل قلبي : كم مرة تلعثم و هو ينطق باسمك..كم مرة حدثت نفسي عنك فخجلت مني و فرّت للورق ترسم قبلة على حافة الدفتر كي لا تراها في سطوري .. سل الحنين عنّي ؛ قد تواطأ مع الليل و معكَ..تحالف السهاد معهم ضدي..أو أقول لك : دعك من الأسئلة ،حسبك جوابا، إني الآن تركت الكلّ و جئت أحدثك.

كلماتنا لسان القلب و كلّ منّا مسؤول عمّا يقوله ..أرتجي الصدق في حديثك مثلما ترتجيه في حديثي..فاللسان ديّان،و القلب مرآة تحتاج النور كي نرى فيها بصفاء؛و نور الحديث صدقه.

ليس الظن كاليقين،و إني بك صرت واثقة فلا تكسر القلب الحزين،طافح بالودّ صدري،مترع قلبي بالحنين،يا رفيقي أخبرك بالذي يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور أن ما خدعك الفؤاد و ما شهد الحرف زورًا،و ما أتتك همساتي بحديث كذب..فكن لي كما كنتُ لكَ؛و الله علينا شهيد.

انقطع الكلام لكن لم ينقطع النبض،لحنك تدندنه الشفاه و همسك تردّده الروح.

ليل طويل و زادي فيه كلماتكَ الرائعة..
ـ طابت ليلتكَ و ليلتكم ـ

نبرة مختلفة و لحن آخر ..و صوت غير صوتي أسمعه و أنا أنطق اسمك..أ هو الحنين يا ترى ؟ أم أن هناك شيئا آخر لم أجد له تعريفا؟