|
تسْنُو البُروقُ وإنْ حاطتْ بها الظُّلَلُ |
والشّمس تغرُبُ لكنْ عندما تصِلُ |
والنّسرُ يعلو ويعلو في مهابتِهِ |
ما عابه العوْدُ لمّا هدّهُ الكللُ |
وأنتِ شمسٌ توارتْ بعدما شمِلتْ |
بالنّور كلّ قريبٍ خطبُهُ جَلَلُ |
لمْ تنطفيء شعلةُ الإحسان عن ولَدٍ |
وجَذوةُ الرّوح في الأعماق تشتعلُ |
لكنّما غيبةُ المرأى تحاصرني |
منها شجون لها تغرورق المُقلُ |
فما لصحبي يراني غير مصطبرٍ |
يستكثر الدّمعَ مِمّن دمعُهُ هَطلُ: |
لكمْ بكتْ قبلك الأشعارُ من بَدَنٍ |
فما أعاد السّجى روحاً لمن رحلوا |
ما كنتَ أولَ من ماتتْ أنيستُهُ |
فارأف بنفسكَ فيما لستَ تَحتمِلُ |
إنْ كان في العمْرِ إلّا ما حظيتَ بهِ |
منها فلا أسَفٌ يُجْدي ولا عَمَلُ |
فما لحالكَ بين النّاسِ مضطربٌ |
و ما لقلبِكَ في أعْمَاقِهِ الوَجَلُ |
سيكفل الدّهْرُ صبراً أنت صاحبُهُ |
وكلّ جرح عميقٍ سوف يندملُ |
غداً ستنسى قليلاً، كيف يُمكنُنِي |
ذا طيفها أيْنما أبصرتُ يمتثِلُ |
والأرض مثلي تلفّ الكون مائلةً |
كأنّما حلّ في جَنْبٍ لها شّلَلُ |
كأنّما الرّيحُ فيها محضُ نائحةٍ |
وأعيُنُ الليلِ بالأحزان تَكتَحِلُ |
أمشي على غير هدْيٍ في مناكبِها |
أشكو الزّمان وقد ضاقتْ بِيَ السُّبُلُ |
كأنني ها هنا طفلٌ وإنْ ظهرتْ |
في مفرقي شعراتُ الشّيْب تَشتعلُ |
أستعجبُ الدّهرَ في فقدان والدتي |
أنّي احتملتُ به ما ليس يُحتَملُ |
إنّي لأفقدُ في فقدانِها زمناً |
ما عاد يبرقُ في أحداقه الأملُ |
ما أدركتْ أُصُلٌ أُمّاً بروعتها |
ولستُ أحسَبُ أنْ سَتُدركُ الأُصُلُ |
يا حلوة النّطق يا أحلى مرابعَنا |
يا أطيب النّاس مِمّن ما له بَدَلُ |
كنتِ الحياة َ الّتي أرجو برمّتِها |
وكلُّ شيء جميل فيكِ يُختزَلُ |
كم كان من مثلٍ في ما حييتِ لنا |
وكان فيك لنا عند الرّدى مَثَلُ |
ما غاب بالٌ عن التّرحاب في كَلِمٍ |
يكادُ يقطُرُ منْ أنفاسهِ العَسَلُ |
واليوم يدركُ قلبي حجمَ فاجعتي |
وحجمَ هذا الّذي ما لي بهِ قِبَلُ |
أمْ أنّني لستُ أخْشى بُعدَها أبَداً |
وروحُها بجواري حيثما أَصِلُ |
ماذا أقولُ بفقدي كلّما عزمتْ |
قريحتي هربت من لوعتي الجُمَلُ |
اليوم أعلمُ أنّي لنْ أردَّ لها |
شيئا يسيراً بما أشدو وأرتجِلُ |
إنّي لمعترفٌ في ما أجودُ بهِ |
أن القصيدةَ فيها ليس تَكتمِل |
سأكتفي في مناجاة السّماء بما |
يستحضر القلبُ منها حينَ يبتهلُ |
كأنّما الدّهرُ لمْ تُعزلْ به امرأةٌ |
قد كان حين أشاحتْ عنهُ ينعزِلُ |