الشمس لا تشرق إلا من هناك .. فولتير نموذجاً ..
لا أبقى الله شمساً لا تشرق من الغرب ، على رؤوس أصحاب المعرفة والفكر الحر والأدب الرفيع !
كفانا رجعية وتخلفاً ، بلادة وجهلاً ، وادعاءً للمعرفة والعلم ، ودقيق الفهم ..
صوبوا وجوهكم نحو القبلة الجديدة ، حيث الأنوار لا تنطفئ ، والإبداع لا ينقطع ، سبحوا بحمدها تسبيحاً ، وقدسوها بكرة وأصيلاً ..
هكذا أخبرونا ، وحشروها في رؤوسنا الفارغة وأوهمونا ، أنه لا شمس إلا شمس الغرب ، ولا عظمة سوى عظمته ، ولا حلّ لنا سواه ..
صوروا لنا فلاسفتهم ومفكريهم وأدباءهم على أنهم أنبياء معصومون .. إشعاع نور في حلكة الظلام !
من منا لا يحفظ اسم سبينوزا وفولتير وعمانؤيل كانت وشوبنهور ونيتشه وروسو وغيرهم .. من منا لا يتغنى بأسمائهم ويحشرها في خطبه ومقالاته حتى يؤكد لنا ثقافته وسعة اطلاعه .. في الوقت الذي نجهل فيه أسماء زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأبنائه وأصحابه ... كم !
ولكن لا أحد يخبرنا بحقيقة هؤلاء ، وعن مدى حقدهم وعداوتهم للإسلام .. أسماؤهم للتبجيل والاحترام فقط ، وسوف أزعم هنا أن هناك من يقول ـ حتى بعد قراءة هذا المقال ـ أن علينا أن نبتعد عن شخصنة النقد ، ونلتزم الحيادية !
فولتير نموذجاً ..
نموذج صارخ وحقير في الحقد على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم ، نعم .. إنه فولتير الذي تعلمنا أن لا نذكر اسمه إلا باحترام ..
لكن ما الذي قاله وفعله ؟
هذا ما ستقرؤونه في الأسطر اللاحقة ، وأستغفر الله ثم أعتذر من القارئ على نقل تلك الكلمات البذيئة ، ولكن لا بد مما ليس منه بدّ ..
يقول توفيق الحكيم في كتابه ( تحت شمس الفكر ، ص17 ـ 19 ) :
( قرأت لثلاث عشرة سنة خلت (1925) قصة (فولتير) التمثيلية (محمد) فخجلت أن يكون كاتبها معدوداً من أصحاب الفكر الحر ، فقد سب فيها النبي العربي سباً قبيحاً عجبت له ، وما أدركت له علة !... لكن عجبي لم يطل ، فقد رأيته يهديها إلى البابا ( بنوا الرابع عشر ) بهذه العبارات : ( فلتستغفر قداستك لعبد خاضع ، من أشد الناس إعجاباً بالفضيلة إذ تجرأ فقدم إلى رئيس الديانة الحقيقية ما كتبه ضد مؤسس ديانة كاذبة بربرية ، وإلى من غير وكيل رب السلام والحقيقة أستطيع أن أتوجه بنقد قسوة نبي كاذب وأغلاطه ! فلتأذن لي قداستك من أن أضع عند قدميك الكتاب ومؤلفه ، وأن أجرأ على سؤالك الحماية والبركة، وإني مع الإجلال العميق أجثو وأقبل قدميك القديستين ) . فولتير 17 / غشت 1745 .
وعلمت في ذلك الحين أن ( روسو ) كان يتناول بالنقد أعمال ( فولتير ) التمثيلية فاطلعت على ما قال في قصة (محمد) علني أجد ما يرد الحق إلى نصابه فلم أر هذا المفكر الحر يدفع عن محمد ما ألصق به كذباً ، وكأن الأمر لا يعنيه ، وكأن ما قيل في هذا النبي لا غبار عليه ، ولا حرج فيه ، ولم يتعرض للقصة إلا من حيث هي أدب وفن !
منذ ذلك اليوم وأنا أحس كأني فجعت في شيء عزيز لدي : الإيمان بنزاهة الفكر الحر .
منذ ذلك الحين وفولتير عندي متهم ، ولن أبرئه أبدًا ، ولن أعده أبدًا من بين أولئك العظام الذين عاشوا بالفكر وحده ، وللفكر ، وأحسب أن التاريخ العادل سوف يحكم عليه هذا الحكم ، فينتقم للحق بما افتراه على نبي كريم ظلمًا وزوراً ) .
وتقول ( مجلة البلاغ الكويتية ، عدد 58 ، ص12 ) نقلاً عن كتاب ( حوار في المعمار الكوني للدكتور عمادالدين خليل ، ص55 ) :
( في عام 1742 م كتب فولتير مسرحية بعنوان (محمد) أعلن فيها " أن محمداً وُلد أميراً ، واستُدعي لتسنّم مقاليد الأمور عن طريق اختيار الناس له . ولو أنه وضع قوانين سليمة ودافع عن بلاده وصد أعداءه لكان من الممكن احترامه وتبجيله ، ولكن عندما يقوم راعي إبل بثورة ، ويزعم أنه كلم جبريل ، وأنه تلقى هذا الكتاب غير المفهوم الذي تطالع في كل صفحة منه خرقاً للتفكير المتزن ، حيث يُقتل الرجال وتُخطف النساء لحملهن على الإيمان بهذا الكتاب ، مثل هذا السلوك لا يمكن أن يدافع عنه الإنسان ما لم تكن الخرافات قد خنقت فيه نور الطبيعة . إن محمداً كان يشن الحرب على البلاد ويتجرأ على ذلك باسم الله ، وليس مثل هذا الإنسان قادراً على فعل أي شيء ...
وفي كتاب آخر له بعنوان ( رسالة حول الأخلاق ) يؤكد فولتير: " أن دين محمد لا يحتوي على شيء جديد سوى عبارة محمد رسول الله " ) .
هدية لأصحاب التنوير الذين لا يزالون يعيشون تحت مجاري قذارة الفكر الوضعي !