سمير أشكرك على المتابعة والان مع حرف "الباء"
حــرف البــاء "ب"
الباء: عائلتها عريقة منتشرة في أكثر كلامنا
بابا عربية فصيحة .. تحاور بشأنها "ابن جني" و "أبو علي"
الباء ثاني حروف العربية حسب ترتيبها الشائع، وثانيها في ترتيب "أبجد هوز" والرابع والعشرين حسب ترتيب الخليل بن أحمد في كتابه "العين" والخامس والعشرون حسب ترتيب سيبويه.
نصيبها من الطباع أنها حرف "بارد يابس، وهو طبع التراب" وفي حساب الجمل فإن الباء تساوي بالحساب اثنين.
والباء حرف معجم (منقوط)، والحروف المعجمة خمسة عشر بينما المهملة (غير المنقوطة) ثلاثة عشر ربط الشيخ أبو العباس أحمد البوني بين إهمال الحروف وأعجامها وبين منازل القمر قائلاً: "منازل القمر ثمانية وعشرون، فيها أربعة عشر فوق الأرض، ومنها أربعة عشر تحت الأرض، وكذلك الحروف: منها أربعة عشر مهملة بغير نقط، وأربعة عشر معجمة بنقط فما هو منها غير منقوط فهو أشبه بمنازل السعود وما هو منها له منقوط فهو منازل النحوس والممتزجات، وما كان منها له نقطة واحدة فهو أقرب إلى السعود، وما هو بنقطتين فهو متوسط في النحوس، فهو الممتزج، وما هو بثلاث نقط فهو عام النحوس".
ويعلق ابن منظور صاحب "لسان العرب" على كلام الشيخ أبي العباس بقوله: "هكذا وجدته، والذي نراه في الحروف أنها ثلاثة عشر مهملة وخمسة عشر معجمة، إلا أن يكون كان لهم اصطلاح في النقط تغير في وقتنا هذا".
وكلام الشيخ عن منازل القمر وأنها فوق الأرض وتحت الأرض صحيح، فالأرض والقمر كلاهما كروي تقريباً، والقمر يدور حول الأرض ليصبح فوقها وتحتها حسب المكان الذي يقف فيه من يرصد منزلة القمر، علماً بأن أي نقطة على سطح الكرة يمكن اعتبارها أعلاها كما يمكن اعتبارها أسفلها.
والباء حرف مجهور، شفوي، لأن مخرجها من بين الشفتين. قال ابن منظور: "لا تعمل الشفتان في شيء من الحروف إلا فيها وفي الفاء والميم"، وقال الخليل بن أحمد: الحروف الذلق والشفوية ستة: (الراء، واللام، والنون، والفاء، والباء، والميم)، يجمعهما قولك: "رب من لف .."، ولما ذلقت الحروف الستة وبذل بهن اللسان وسهلت في المنطق كثرت في أبنية الكلام، فليس شيء من بناء الخماسي التام يعرى منها أو من بعضها، فإذا ورد عليك خماسي معرى من الحروف الذلق والشفوية فاعلم أنه مولد وليس من صحيح كلام العرب. وأما بناء الرباعي المنبسط فإن الجمهور الأكثر منه لا يعرى من بعض الحروف الذلق إلا كلمات قليلة نحو من عشر.
والباء تتركب مع غيرها من الحروف بلا قيد ولا شرط، سواء تأخرت أو تقدمت. قال الجوهري: "الباء حرف من حروف الشفة، بنيت على الكسر لاستحالة الابتداء بالموقوف. وقال: الباء من عوامل الجر، وتختص بالدخول على الأسماء، وهي لإلصاق الفعل بالمفعول به. وكل فعل لا يتعدى فلك أن تعديه بالباء والألف والتشديد". قال ابن بري "لا يصح هذا الإطلاق على العموم، لأن من الأفعال ما يعدى بالهمزة ولا يعدى بالتضعيف". وتعدية الفعل هي أن تجعله ينصب مفعولاً به".
وقد ترد الباء بمعنى الملابسة والمخالطة، وبمعنى "من أجل"، وبمعنى في، ومن، وعن، ومع، وعلى، وبمعنى الحال والعوض، كما تأتي زائدة، وتكون للقسم.
والباء من أول الحروف التي يتعلم الإنسان نطقها، تقول العرب بابا الصبي أبوه إذا قال له "بابا" على هذا لفظ عربي فصيح.
والباء أول ما ينطقه قارئ القرآن في قوله "بسم الله الرحمن الرحيم"، قال النحويون: "الجالب للباء في بسم الله معنى الابتداء". كأنه قال ابتدئ باسم الله والله تعالى أجل وأعلم.