|
موتى بنو يعربٍ هلْ نافعٌ عتبُ |
وهلْ مجيبٌ دعاءً ميّتٌ ترِبُ |
عجبتُ من نافخٍ في الما ليوقدَهُ |
وطالبٍ من أصمّ الصّخرِ ينتحبُ |
يا بنَ الكرامةِ منْ أنباكَ أنّ بني |
عدنانَ طرًا عقارَ الحزمِ قد شربوا |
عاتبتَ قومًا صِغارًا لا قرارَ لهمْ |
حتى الذبابُ حماهمْ راحَ يغتصبُ |
عاتبتَ من ليسَ يُرجى حينَ نائبةٍ |
أسيافهُ في الوغى التنديدُ والشَجَبُ |
واللهِ لو هدّمَ الشيطانُ كعبتهمْ |
لما شكتْ بينَهم في حَانها العنبُ |
فليسَ في تغلبٍ " جنّ غطارفةُ " |
وليسَ عندَ تميمٍ " جحفلٌ لجبُ " |
وليسَ في العربِ العرباءِ معتصمٌ |
ولا لديهمْ صَلاحُ الدينِ يُنتدبُ |
يا بنَ الكرامةِ هلْ أغواكَ مجمعهمْ |
عندَ " النبيلِ" تلاقى القادةُ النجبُ |
واعدتَ نفسكَ بالبشرى فلا ألمٌ |
يأتيكَ منْ حاكمِ الفيحاءِ أو نصبُ |
لا هدمُ أبنيةٍ أو هتكُ محصَنةٍ |
ولا بيوتٌ بأرضِ الشامِ تنتهبُ |
واللاجئونَ إلى أوطانهمْ رجَعوا |
مثلَ الملوكِ كأنّ الناسَ ما نُكبوا |
ومنْ قضى نحبَه سمّوا بكنيتهِ |
ساحاتِ درعا كما ازدانتْ بهم حلبُ |
وأدبرتْ فتكةُ الجوعِ الذي ضَويتْ |
منهُ الجبالُ على الأيامِ والهَضَبُ |
فالبَرّ يطرحُ بُرّاً في مراتعنا |
والبحرُ مَرجانهُ وَفرٌ لمنْ يهبُ |
لا أيّمٌ ترتجي خبزَ الزناةِ ولا |
يزاحمُ الكلبَ بينَ الحاوياتِ أبُ |
ألفى بقايا طعامٍ فاستوى فرِحاً |
طيراً إلى طفلةٍ في الدّارِ ترتقبُ |
فلمْ يجدْ دارهُ في الحيّ قائمةً |
ولم يجدْ غيرَ نارِ الحقدِ تلتهبُ |
يا بنَ الكرامةِ لمْ تمنعْكَ كثرتهمْ |
مَا أكثرَ الذرّ لكنْ مَا لها غضبُ |
أنّاتكَ الحمرُ لن تلقى لها أذنًا |
سَلْ غزةً أهلَها هل يُرتجى العربُ |
كمْ قمّةٍ عُقدتْ في غزّةٍ ومضتْ |
وأهلُ غزّةَ عن غاياتها غَيَبُ |
لو أنّهم أنفقوا بعضَ الذي بذلوا |
في حفلهم لانتفى من أرضنا السّغبُ |
اليومَ يختلفُ الأربابُ في سببٍ |
وفي غدٍ قمّةٌ كي يُعرفَ السّببُ |
وبعدها قمّةٌ للصّلحِ عاجلةٌ |
وما سوى الكلمِ المعسولِ يُنتخبُ |
بئسَ الرعاةُ رعاةٌ كلّما اجتمعوا |
تجرّأ الذئبُ حتى ضاقتِ التربُ |
هذي بلادي تعدّ الدهرَ نازفةً |
جراحُها كالليالي في الورى قشبُ |
يفرّخُ الموتُ أجداثاً لصبيتها |
في كلّ سَاحٍ قبورٌ أينما لعبوا |
هذي بلادي على أشلائها هجعتْ |
وأرضها الروضُ يا مرعى الظبا خرَبُ |
وأهلها الصيدُ في ساحاتها جثثٌ |
تساقطوا مثلما تسّاقطُ الرطبُ |
ومن نجا منهمُ يوماً إلى أجلٍ |
أوفى أصيحابهِ التنكيلُ والتعبُ |
مشرّدًا عافَ دفءَ الدارِ من وجلٍ |
إلى خيامٍ بناها الذلّ والوصبُ |
ومنْ تخلّفَ لا يبغي بها بدلًا |
دونَ اغترابٍ عنِ الأوطانِ مغتربُ |
ما حيلةُ الحرّ والشبيحةُ اغتصبوا |
عاثوا, أذلّوا, أضلّوا, هدّموا, عطبوا |
فإن تشظّى إلى الجوزاءِ منتفضًا |
وفجرّ النفسَ بالباغي فلا عجَبُ |
همُ الأذلّةُ والأرذالُ ما برحوا |
الحرّ حرٌّ وإنْ داسوا وإن ضربوا |
لا يشرفُ الذئبُ بالعدوانِ مفترسًا |
ولا يهينُ الضحايا أنهمْ سلبُ |
يا بنَ الكرامةِ لا ترهبْكَ حربُهمُ |
إنْ ضرّموها فهمْ يومَ الردى حطبُ |
فاسمعْ صريخهمُ في كلّ معركةٍ |
مثل الكلابِ أمامَ الأسْدِ تنسحبُ |
تاللهِ لولا عديدُ الفرسِ ما ثبتوا |
تاللهِ لولا عتادُ الروسِ ما ركبوا |
خمسونَ عامًا شعاراتٌ ممانعةٌ |
وما تحرّرَ جولانٌ ولا نقبُ |
خمسونَ عامًا وخيرُ الأرضِ منتَهبٌ |
وحجّةُ اللصّ حربٌ سوفَ تلتهبُ |
وعندما قرّر الحربَ الضروسَ رمى |
شعبًا تربّتْ على أمجادهِ الحقبُ |
كمْ عربدتْ في سماءِ الشامِ آمنةً |
عقبانُ صهيونَ لا خوفٌ ولا رهَبُ |
نارُ الخطاباتِ ترميها بكاذبةٍ |
هل يحسنُ الحربَ من صمصامهُ الخطبُ |
يخادعونَ الألى في كلّ مسألةٍ |
عديلُ إعلامهمْ بينَ الورى الكذبُ |
فكلّما ذبحوا في حمصَ منتفضًا |
وفي حماةَ أطاحوا بالذي يثبُ |
وكلّما قصفوا فرناً ومدرسةً |
قالوا لنا: ثورةُ الأحرارِ ترتكبُ |
وقامَ بوقٌ إلى الشاشاتِ مدّعياً |
سبيُ العذارى لتقطيعِ الفتى سببُ |
وصاحَ فينا: عصاباتٌ مسلّحةٌ |
مندسّةٌ دأبها التخريبُ والشغَبُ |
والشعبُ لم ينتفضْ يومًا لمظلمةٍ |
هاجَ ابتهاجًا بما جادتْ بهِ السّحبُ |
يا بنَ الكرامةِ صارَ الدينُ مغنمةً |
باثنينِ رانتْ على قلبيهما الرتبُ |
شيخيّ( ) عوجَا على درعا ومسجدِها |
يخبركما حمزةٌ عنْ صبيةٍ كتبوا |
الله .. حريّة .. في ساحِ مدرسةٍ |
فاستنفرَ الجيشُ وهوَ اليومَ ينقلبُ |
عوجا على العمَريّ المبتلى تريَا |
أمّ الخبائثِ في محرابهِ شربوا |
ومصحفَ اللهِ في أرجائهِ مزقاً |
كمْ كنتُ أشفى بهِ إن شفّني الوصبُ |
شيخَيَّ مَا حكمُ من يلقى منيّتَه |
مدافعاً عنْ جَناءِ العمرِ يُنتهبُ |
شيخيَّ مَا حكمُ من يُردى لمأثرةٍ |
يصدّ عن حرّةٍ في الحيّ تغتصبُ |
شيخيّ هل يَذبحُ الأطفالَ منتقِماً |
فقيهُ قومٍ لهُ للمصطفى نسبُ؟ |
شيخيّ كلُّ يتيمٍ قلبهُ حَرَقٌ |
يشكوكما لقويّ أخذهُ عجَبُ |
وكلّ أمّ على طولِ البلادِ خلا |
من طفلها صدرُها تدعو وتنتحبُ |
يا بنَ الكرامةِ صُمَّ الأذنَ عن وترٍ |
ألحانهُ في رواقِ " الأمنِ " تصطخبُ |
المستبدّ كمَا المحتلّ كنسُهما |
في شرعةِ الحرّ حقّ ليسَ ينشعِبُ |
يا ليتني في قرى حورانَ محترقٌ |
للوحشِ عظمي ومَا ضمّ الحشا نهَبُ |
ولا أرى واحدًا في الشامِ مضطَهدًا |
يثوي على الذلِ جندَ الغربِ يرتقبُ |
هلْ يسعفُ الغربُ دارًا جارَ صاحبها |
وما لهُ حَلبٌ فيها ولا جلبُ |
غزا طرابلسَ من بغدادَ مجتهدًا |
والزيتُ يلمعُ في عينيهِ والذهَبُ |
كمْ يدّعي نصرةَ الإنسانِ قادته |
تزولُ عنهُ بهمْ يا سيّدي الكربُ |
فإنْ ألمّ بنا من أهلنا ألمٌ |
أو جارَ جارٌ علينا منهمُ انقلبوا |
وهيئةُ الأممِ الحمقاءُ لعبتهمْ |
تغفو إذا عدِموا تصحو إذا نهبوا |
يَا أيها الشعبُ ثرْ للحقّ منتسِباً |
كلّ الخيولِ إليكَ اليومَ تنتسبُ |
لا ترجُ نصرَ الذي يرنو منيّته |
لديكَ ما كانَ يا شعبي لكَ الغلَبُ |
فهمْ يرونَ ربيعَ الشامِ منتصراً |
شتاءَ أنظمةٍ ظلماءَ ترتعبُ |
أفقْ فليسَ يدعّ الوحشَ مفترسًا |
إلا يمينكَ فيها السّيفُ يُختضبُ |
ليستْ حقوقُ الورى من حاكمٍ هبةً |
إنّ الحقوقَ بعزمِ الشعبِ تُكتسبُ |
لا بدّ يبطشُ بالطاغي ضَحيّتهُ |
فمصرعُ الظلمِ كالأقدارِ مُكتتبُ |
يا أيهّا الشعبُ إنْ أغلظتُ معذرةً |
وإنْ أطلتُ نشيدَ النارِ لا عجبُ |
أنا الدمشقيّ مغروزٌ بخاصرتي |
كلّ السّيوفِ التي اعتزّتْ بها العربُ |
لا فادياً في فراشي اليومَ مضطجعٌ |
فهلْ يضيعُ دمي أمْ يغضبُ الغضبُ |
إني لأشكو وما في الجسمِ من عللٍ |
والعينُ من غيرِ داءٍ دمعها سرِبُ؟ |
تفطّرَ القلبُ من قتلٍ أطالعهُ |
وصدّعَ النفسَ ألا ترعوي النوَبُ |
ضجّتْ على شفتي الألفاظُ غاضبةً |
حتى خشيتُ بحدّ الحرفِ تحتربُ |
أبتْ لديّ انتظامًا في مقطّعةٍ |
وكيفَ ينتظمُ المذبوحُ يضطربُ |
فالشعرُ إنْ لم يكنْ ريحاً وعاصفةً |
أولى بمنْ ينظمُ الأوزانَ يحتجبُ |
الشعرُ سيفٌ دمشقيٌّ عزفتُ بهِ |
وهوَ الغرامُ الذي قد كنتُ أرتكبُ |
عذرًا إذا ابتلتِ الأسماعُ من نغمي |
فخدّ حرفيَ من فرطِ البكا رطبُ |