|
الآنَ تركضُ نحو جفني المتعَبِ |
كالنجمِ يومِضُ في أديمِ الغيهبِ |
الآنَ تهمي خاطرًا وتلحُّ بي |
فالقلبُ يُومي للبعيدِ الأقربِ |
الآنَ تمسحُ عن عيوني رمدَها |
فكأنها لم تعمَ ساعةَ مَرحبِ |
ها أنت تقطرُ من سماءِ كآبتي |
كالماءِ يرشحُ من جبينِ المُعتَبِ |
يفترُّ مبسمُك الوضيءُ كعارضٍ |
يحنو على جدبي بعطفٍ صيّبِ |
وعلى أثيرٍ بالمنايا راصدٍ |
يمشي نداؤك فوق صوتِ متبَّبِ |
وعلى جناحٍ من نبوءةِ عارفٍ |
تسري إليّ على خُطا مسرى النبي |
من قبلُ كنتَ كما سحابٍ عاقرٍ |
ولكم قدحتُ له ببرقٍ خُلَّبِ |
يا مستحيلاً ما فتئتَ مصدقًا |
عندي وها هو مرسَلٌ لم يكذبِ |
إني أخافُ عليك من شهبِ الدجى |
ونيازكٍ خلف الأخوّةِ تختبي |
أشعلتُ في كهفِ التوجُّسِ شمعةً |
رعّاشةً تهديك للمترقِّبِ |
وصدى اختلاجتِها يبثُّ إشارةً |
تجتازُ أُذنَ مجنَّدٍ مستعربِ |
حجروا عليك وما لحجمِك لو دروا |
من حيّزٍ غيرَ الفضاءِ الأرحبِ |
يا يوسفًا في قعرِ مُظلِمةٍ رمَوا |
هذا قميصُك حاضنًا وجهَ الأبِ |
حبسوك ردحًا بعد ردحٍ،والذي |
سرقَ الرغيفَ بمصرَ لم يُستجوَبِ |
صلبوك أو هم هكذا اشتبهوا،وفي |
عينيّ غيرُ خيالِهم لم يُصلَبِ |
ونفَوك من سبأٍ عميلاً خائنًا |
وعنَوا لطاغوتٍ أطاحَ بمأرِبِ |
وعلى رُبى شامِ الثكالِ مواكبُ |
الشهداءِ زُفّتْ في انتظارِ الموكبِ |
هم باسمِك المهيوبِ قد سفكوا دمي |
ودمي حرامٌ للتقيِّ الأهيبِ |
زرعوا بخاصرتي مُداهم وانثنَوا |
يتسوّلونَ علاجَ مجروحٍ أبيْ! |
رقأتْ من المعتادِ دَهْمًا دمعتي |
ودمي يُكفكَفُ بالأكُفِّ الخُضَّبِ |
ورمَوا بلحمي للذئابِ تنوشُهُ |
فإذا دفعتُ فتهمةُ المستذئبِ |
تلك الرعيّةُ لم يسُسْها سائقٌ |
حامٍ ولا نعمتْ براعٍ طيبِ |
حلبوا ضروعًا حُفّلاً لكنني |
لم أُروَ يومًا من طشاشِ المحلبِ |
قمرٌ ضننتُ بوجهِه في محنتي |
حتى ادلهمَّ الشرقُ بعد المغربِ |
كلُّ اصطباري في القرونِ جرَعتُهُ |
لم تبقَ قطرةُ حنظلٍ في المَشربِ |
أدمنتُ طَرْقَ الحادثاتِ وخَبطَها |
فلوِ افتقدتُ زحمتُها بالمنكبِ |
يا أنت يا قدرًا نتوقُ نزولَهُ |
لمّا أزلْ بك مؤمنًا لم يرتبِ |
خالوك غيبًا مذ عليك تعجّلوا |
فاقذفْ وجوهَهمُ بطِمرِمغيَّبِ |
الكافرونَ يزوّقونَ مسيخَهم |
والمسلمونَ يزوّرونَ على النبي |
والقابضونَ على الحقيقةِ جمرةً |
طوبي لهم بخليفةٍ لم يُنجَبِ! |
يا حلميَ الحيَّ الذي وأدوا وها |
هو نافضٌ أكفانَ جنبٍ مُترَبِ |
في كلِّ نازلةٍ رأيتُك كوكبًا |
فأخرُّ ذقنًا ساجدًا للكوكبِ |
حتى يكذبَني أفولُك صدمةً |
فأشيّعُ الأنفاسَ خلفَ مُذنَّبِ |
يا أيها السيفُ الذي يخشَونَ من |
ذكرِ اسمِهِ العَضْبِ الجهورِ المُرعِبِ |
يا جبهةً شمّاءَ لا يرقى لها |
قزمٌ يلوذُ بظلِّ نعلِ الأجنبي |
هل يذكرونَ أبا عبيدةَ؟خالدًا؟ |
سعدًا ورهطًا من فوارسِ يعربِ؟ |
كانوا هنا وعلى خُطاهم عينِها |
ها أنت ذا تقتصُّ؛لم تتنكَّبِ |
في قُبّةِ القدسِ الحزينةِ لوحةٌ |
تاقتْ لخاتمِ فاتحٍ؛هيا اكتُبِ! |
حلمٌ يُخامرُ مُدْنفًا لا يرعوي |
ويُعيدُ صَبوةَ مستكينٍ أشيبِ |
مستيقنًا بك لا أزالُ وإنما |
شَقُّ البحورِ لمُنكِرٍ ومذبذَبِ |
كم ماطلوك وكم قديمًا سوّفوا |
فتعالَ رغمَ أنوفِهم ولْتسرِ بي. |