أخي المبدع المتألق .. عبد السلام دغمش ..تحية طيبة ..
شكراً على اهتمامك وأسئلتك القيمة ..
منذ أوائل القرن الماضي أصبحت القصة القصيرة فناً أدبياً له أصوله وقواعده وعناصره الفنية ، فتوافر الإنتاج وتكاثر .. وأبدع فيه الكتاب إبداعات جميلة وجيدة .. كل حسب موهبته وبراعته ونظرته للعالم الذي يعيش فيه .. لكن طرأ تغيير في التقنية القصصية ، فتجدد الأسلوب وتعددت طرق الأداء ، وتجاوزت التقنية القصصية التقليدية ، فتحطمت الأقانيم الثلاثة للقصة القصيرة / البداية / العقدة / النهاية /.. لأسباب عديدة منها : تغيرات وتحولات البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي طرأت على الواقع والمحيط ..
فهناك من يرى أن القصة القصيرة قد تتراجع وتتضاءل مستقبلا ،وربما تفقد مكانتها الأدبية والفنية في ظل بروز ما يسمى / القصة القصيرة جداً / فقد برز كتاب يهربون من الالتزام بضوابط القصة القصيرة ، فلجأوا إلى التكثيف الشديد مما أخل بتركيبة القصة القصيرة عبر اختزال يغيب الإمتاع القصصي ..
فبرزت آراء متباينة بين النقاد تجاه هذا النتاج الأدبي الجديد /القصة القصيرة جدا/ الذي تهافت عليه كتاب اجتهدوا وجندوا طاقاتهم الفكرية والفنية في ضبط الملامح الكبرى للقصة القصيرة جداً .. على خلفية أن القصة القصيرة التقليدية تقيد المبدع ، وتحد من طاقته الفكرية ،مع إلزامه بالمحافظة على ضوابطها المعروفة التي لا تتماشى مع روح العصر وتحولاته .. ومن تم تكون القصة القصيرة جداً هي النمط الأدبي القادر على تجزيء الواقع وتقطيعه إلى مشاهد تتماشى مع المعيش اليومي ..
ويرى معارضون أن وجود القصة القصيرة جداً إنما هو تعويض عن الفشل في كتابة القصة التقليدية .. وحذروا منه واعتبروه دخيلا مشوشاً على الفنون الأدبية السردية لأنه يخلخل القواعد الفنية للرواية للقصة والرواية ..
من خلال هذا التوضيح ، لا يمكن أن نحكم على أن القصة القصيرة التقليدية هي في تراجع ،فرغم موجة الجنس الأدبي الجديد المزاحم لها ،والذي تهافت عليه الكتاب الجدد ، والبعض منه جاد وجيد ، والبعض منه لا يرقى إلى المستوى المطلوب، فإنه لا يبتعد عن وجود قواسم مشتركة بين القصة القصيرة التقليدية والقصة القصيرة جداً ..إنه نوع من التعبير يجب أن نقبل به على أساس ضوابط محددة ..
ستبقى القصة القصيرة التقليدية تحتل مكانتها الأدبية ، والقصة القصيرة جداً تولدت من رحمها ،ولا تختلف عن الأقصوصة رغم اختلافها في التسمية .. فرغم أن النقاد تحدثوا عن الطول والقصر بالنسبة للقصة القصيرة التقليدية ، فإنه يبقى مشكلا بارزاً يمكن إعادة النظر فيه ، خاصة في العصر الحالي : عصر السرعة ..
ـــــــ لا يمكن أن نجزم في أفضلية كاتب عن كاتب ، فلكل كاتب مميزاته ،أما مصطلح الجودة فهو لا يعطينا تقييما سليماً .. يقول عز الدين إسماعيل :
فالأديب يكتب لجماعة ما ، يريد أن يؤثر فيها ، وأن يكسب رضاهم ، ووسيلته إلى هذا التأثير أن يحدثهم فيما يعنيهم ..فالأديب العظيم يستطيع أن يؤثر في مجتمعه دون أن يخضع لإرادة هذا المجتمع ..
ــــــ للنهوض بمنتدى القصة القصيرة في واحتنا الغراء في نظري يجب :
* الابتعاد عن المجاملات ، والتعليق على النص يكون جاداً وفاعلا ، على الأقل ننطلق من : ماذا يقول النص ..؟ وكيف يقول النص ..؟ وكل القراء في المنتدى قادرين على ذلك نظراً لتوفر دراسات عديدة عربية وغربية ..
*استقطاب نقاد متخصصين لتقييم العمل الأدبي ولو بدون ذكر أسمائهم لكي لا تثير حزازات ممكنة .. فكم من كاتب انسحب من المنتدى لأن نصه لم يجد من يرفع من شأنه الأدبي ..
* على أعضاء المنتدى ـــ وأنا من بينهم ـــ أن يتعلموا تقبل النقد البناء بصدر رحب .. حتى يتسنى لهم أن يعدلوا نصوصهم قبل طبعها ..وقد استفدت منه كثيراً .. فشعاري هو: من ينقدني يحبني ..
ــــ إحداث مسابقة في القصة بنوعيها : القصة القصيرة والقصيرة جداً يتطلب مجهوداً جباراً من إدارة المنتدى في كيفية اختيار لجنة متخصصة للدراسة والفرز والتعليق على كل نص سردي سواء كان جيداً أو رديئاً بالتنصيص على مواطن الضعف والقوة في العمل الأدبي ... فكرة جيدة إذا كان الهدف هو الرقي بالفن القصصي ..
شكراً لك أخي عبد السلام دغمش على اهتمامك النبيل وأتمنى أن أكون في مستوى الرد والإجابة ..
تقديري واحترامي .. الفرحان بوعزة ..