أبو الأمصار
هل كان يمكن أن يغدو لنا وطنُ
إن لم يُهَيّأ لنا من أمرنا يمنُ
هذي سيول سواق في تدفّقها
أصلٌ لكلّ أصيلٍ زانَه حسنُ
كأننا محضُ فرع من تفرّعها
يا منظرا من بلادي ما له ثمنُ
هنا تسمّر تاريخ الثرى ورعا
في "حضرَ موتَ" وصاح الحِلُّ والزمنُ
سَهَلُ "التُّهامة" يبدو كالبساط وذا
"طوْدُ النبي شعيب" كلُّه سَكَنُ
وصولةُ "الطّيرِ" في الأعلى وأرجلُه
في الأرض راسيةٌ لمْ تُبْلها السُّنَنُ
و"القاهريّة" في رأس الجبال عَلَتْ
حتّى بَدَتْ كنقوشٍ فوقها سِنَنُ
و في "منارةِ محضارٍ" بِرِفْعَتِها
سِرُّ الوجود الذي تُهدى به السّفنُ
مازال يَسْرُدُ أيضا "قصرُ سلطنةٍ"
فُصولَ مجدٍ وما في صوتِه وَهَنُ
مجدُ العروبة والإسلام تَعرفُهُ
"صنْعا" كما عرفتْ أسرارَهُ "عَدَنُ"
تشدو "الحديدةُ" أو "تَعْزٌ" و"مأربُ" في
فخرٍ يثورُ بما في العمق يُختَزَنُ
قد كنتَ دوما سعيدا يا سعيدُ ، إذنْ
من أين يأتيك يا أرضَ العلا حزَنُ
تسمو فتغسلك الأنهار من أزَلٍ
خَمْساً فلا حزَنٌ يبقى و لا درَنُ
هل لي بسجدةِ شكرٍ في ثراك وقدْ
شاع الأذانُ وشدّتْ سِحْرَه الأُذُنُ
يراك كلُّ شريدٍ في الثّرى وطناً
سيّانِ كان له أوْ لمْ يكنْ وَطَنُ
هل لي بـ"سَلْتَةَ" أم بعضِ "الهريسِ" فقدْ
يشتاق للأصل -رغم الكثرة- البَدَنُ
أم جرعةٍ أوْ شُقوقٍ من تمورك يا
أرضا تكاثر فيها التّمْرُ واللّبَنُ
أثْنى عليك الذي لا نُطْقَ يَخذُلُهُ
ماذا سترغب –بعدُ- اليومَ يا يَمَنُ