رعدٌ يقلِّبُ في بروقٍ أجفُني
غيمٌ تنزّلَ أبحراً وهطولا
***
ليلٌ يهاجمني كأنَّ جموعه
جيشٌ أقامَ على الدروبِ نزيلا
***
ليلٌ بأرضِ الشامِ أرخَ سدولهُ
فذرفتُ دمعاً وارتجيتُ سُهيلا
***
سُهدٌ يغالب أعيني نام الورى
فبعثتُ شوقي للحبيبِ رسولا
***
سلبتكِ مجداً يا شآمُ عصابةٌ
ما عزَّ مثلُهُ في الزمانِ مثيلاً
***
قد كنتِ نجماً للحضارةِ ساهرا
تأتي النجومُ تؤمُّ إليكِ سبيلا
***
شوقي يداري أعيني مسترسلا
كي لا أغضَّ النومَ عنه فتيلا
***
جرحٌ بجسمي لا يفارق إلفهُ
فغدوتُ من فرْطِ الفراقِ عليلا
***
همٌّ بقلبيَ لا يساورُ شكَّهُ
أنَّ الجراحَ تبلسمُ المعلولا
***
فأرى الجراحَ على الحبيبِ تؤودُه
وأرى الفؤادَ بِحِبّه مقتولا
***
أُنبيتُ أن الجسمَ يفنى بالهوى
والجفنَ يبلى بالدموعِ ذُبولا
***
علقت جراحي في هواك شباكُها
كالعين تُعْلقُ دمعَها المنديلا
***
فإذا قضيتُ بسيفِ جرحكَ نازفاً
فقضتْ دمائي في الفراتِ النيلا
***
ذاك اكتمالُ الحبِّ في الشوقِ اللقا
ألِفتْ جراحٌ أرمُساً وطلولا
***
ما بالُ سلمى كيف يبعدها الهوى
إذ أزمعت أتفرقاً ورحيلاً
***
أو أن هنداً أقفرت أوتادها
مذ أسبلت جفُنُ الخيامِ طويلا
***
لو أنَّ ليلى أقصرت ترحالها
للبثتُ ظلا للحبيب ظليلا
***
سلمى وهندٌ في العروبةِ موطنٌ
والشوقُ قد صرع المنامَ قتيلا
***
فنسجتُ صبري من حشاشات الجوى
ونزلت في جبلِ الشآم سهولا
***
ذبحٌ بأهلك ياشآم يعودهُ
سكينُ غدرٍ للذئابِ دليلا
***
زعمت زئيرا في الأسود عواؤها
ونهيقُ جحشٍ في الخيولِ صهيلا
***
يا معشر الذؤبانِ كفُّوا غدركمْ
السيفُ كفءٌ في الذئابِ عديلا
***
نسجتْ خيوطُ العنكبوتِ شباكَها
تأتي الثيابَ تخيطها تفصيلا
***
وجِرارُ عاديةِ الزمانِ ببعثِها
ملآى القنابلِ تُسقط البرميلا
***
يا من غرستمْ في الظهورِ خناجرا
نزفَ الجبينُ الحرُّ منه سيولا
***
يا من ذبحتم في الطفولةِ بُرأها
وذرعتمُ دربَ النذالة طولا
***
أنزعتمُ الظٌّفرَ الطَّريَ بأُصبعٍ
لوددتُّ في كفِّ الفتى تقبيلا
***
درعا تسائلُ في الجراحِ رئيسها
هلا تطيقُ إلى المنامِ مقيلا
***
لو كنتَ رأساً في عِمامةِ دولةٍ
لنزعتَ كرسيَّ الرئاسة قيلا
***
قامت على حُرِّ البلادِ عبيدُها
فأرى رؤوساً تستحيلُ ذيولا
***
من ذا يغالبُ أذؤبا في غدرها
إن سارَ جدٌّ في الدِّماءِ سليلا
***
هل كان جدُّك من فرنسا عبدَها
فخلفتَ جداً خائباً وعميلا
***
طوبى لأهلِ الشامِ قال نبيُّنا
من ذا يباهي في الكلامِ رسولا
***
صبراً لأهلكِ يا شآمُ على الأذى
سيفيقُ صبحٌ يستجدُّ حلولا
***
أحفادُ خالدَ في المدائنِ أقبلوا
داسوا جباهَ الغادرينَ خيولا
***
جاءوا جبالا لا الحصونُ تؤودهمْ
والرعبُ يصرُخُ في القلوبِ عويلا
***
فيحاءُ قومي للصلاةِ توضأي
الفجرُ نادى للأذانِ وَصولا
***
شهباءُ تيهي في الزمانِ منازلا
المجدُ ينزلُ عرضها والطولا
***
يا أختَ مقتلعَ الفوارس بالقنا
أنْ كانَ جدُّكِ في السيوفِ صقيلا
***
يا شامُ مهرُك بالدماءِ مقدَّمٌ
ذا يومِ عرسكِ فارتدي الإكليلا
من قصيدة: سلمى وهند في العروبة موطن
للشاعر: فوزي الشلبي.
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=66112