وصلني الجزء الثاني لكتاب "درنة الزاهرة – قديما وحديثا " من الصديق عبد الحميد الدلال أحد أبناء مدينة درنة الليبية، مؤلفه مصطفى عبد العزيز الطرابلسي، صادر عن مطبعة الواحة للطباعة والأعمال الفنية. – لم يبين تاريخ النشر ولا رقم الإيداع القانوني- من قراءتي للكتاب، وجدت أن المؤلف اتسم بموضوعية واضحة فيما عرضه من أحداث أدبية عرفها النصف الأول من القرن الماضي، دارت بين أدباء وشعراء ليبين ممن كانت لهم المكانة المرموقة وقتذاك؛ أمثال أحمد رفيق المهدوي والهادي الصغير بن عرفة. ويعرض الكتاب في مجمله لمعالم مدينة سلبت لبّ عشاق جمال الطبيعة في كل العصور: مدينة درنة المشهورة بالبساتين والعيون وبشلالها ذي الصيت الذائع، بالإضافة للآثار التاريخية القديمة وآثار إسلامية ممثلة في "أضرحة الصحابة" المميزة لهذه المنطقة التي عرفت معارك استشهد فيها بعض من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن القارئ ليُشدّ لوصف المساجلات الشعرية التي دارت بين أهل القريض في لوحة رائعة دون تدخل شخصية الكاتب – وهو من أبناء درنة – حتى عندما تحولت المساجلة لخصام حاد خلد بين الأطراف الداخلة في معركة أدبية تذكرنا بمعركة جرير والفرزدق.
إن المهم فيما يعرضه الكتاب، أن مؤلفه يصف بيئته الخاصة بأسلوب المحقق التاريخي تارة، وبأسلوب الباحث الأنثروبولوجي تارة أخرى دون انسياق وراء نزعة "التمركز " ، فيكتب مختصرا لتراجم الشخصيات، و يصف الأحوال التي كانت عليها المرافق العامة من تعليم وإدارة وتجارة وغيرها بدقة متناهية؛ قل نظيرها في كتب مماثلة من حيث الموضوع والمصدر.
وبالنظر للمستوى الأدبي للكاتب، يتبين أنه ممن خدموا التاريخ بصدق، في نقل الصورة الأدبية والفنية في إطاريها المكاني والزماني بأمانة ...
وسأحاول الحصول على ترخيص من ذوي الشأن لنشر نص الكتاب أو بعضه ليفيد منه القراء الكرام.