رحى الإسلام
أين الأحبةُ أين الصحبُ قد بانوا
لما ترجَّل بعد العزِّ فرســان
كنّا السراةَ وجلُّ الأرضِ مرتعُنا
كنّا الحماةَ لمن في قومِهم هانوا
كان الملوكُ إذا ما هزَّ سمعَهم
قرعُ الطبولِ كمن مسَّتهمُ الجان
راياتُنا في ربوعِ الكونِ مشرعةٌ
في الأفقِ تخفقُ والأقوامُ قد دانوا
تمضي الخيولُ وأسدُ اللهِ تركبُها
بالعزِّ ترفلُ والإسلامُ عنـوانُ
أما الجيوشُ فكانَ النصرُ ديدنَها
بالرعبِ كم هُدِمَت في الأرضِ أوثان
حلّوا وحلَّ ديارَ الفتحِ خيرُهم
نوراً تلألأَ لا يخفيهِ بهتان
سلْ قادةَ الفرسِ كم أبلتْ أشاوسُنا
عندَ اللقاء وفي الأسحارِ رهبان
كم أطفأوا جذوةَ النيرانِ يعبدُها
أهلُ الضلالةَ شرّ الخلقِ مذ كانوا
القادسيةُ واليرموكُ تنبؤُكــم
حطينُ تشهدُ كم في القومِ أحزان
حالٌ تبدّلَ والأصحابُ قد نكثوا
أما الصديقُ فما أثناهُ عرفان
دارَ الزمانُ وكم في الدَّهرِ من عجبٍ
سودُ المصائبِ فيها اللّبُ حيران
أهلُ النفاقِ وأهلُ الكفرِ قد جمعوا
حقدَ القلوبِ وقد أذكاهُ شيطان
سلّوا السيوفِ وبالأضغانِ قد هُرِعوا
واستأسدتْ في غيابِ الأسدِ جرذان
صبّوا على أمَّةِ الإسلامِ حقدَهم
كأنهُ في ظلامِ الليلِ طوفان
ظنّوا بأنَّ رحى الأيامِ تتركُهم
لكنَّما في سماءِ الحقِّ عقبان
خابوا وخابَ غرابُ البينِ حاديهم
فالغيثُ أقبلَ والآفاقُ تزدان
يا أمةَ الخيرِ قد دارت دوائرُهم
إنَّ المآلَ لهم في الناسِ خسران
سيري على دربِ من سادوا بدينِهم
وامضي بدربكِ لا يثنيكِ خوّان