سطوة الرحيل
لربما لم أمتلك الشجاعة الكافية للحديث بلغة المكتلم في القصيدة فجاءت بلغة المخاطب الغائب في الغالب لربما السبب هو سطوة الرحيل ولاحظت فيما بعد أن اﻷبيات جاءت بصيغة الماضي كذلك وإذ بالرحيل يقول كلمته:
جاؤوا إلى الدنيا بغير خيار
وسيرحلون كهجرة اﻷطيار
جاؤوا من الزمن البعيد يسوقهم
قدر اﻹله بدون أي خيار
جاؤوا هنا من أجل محض عبادة
للواحد المعبود جل الباري
جاؤوا عبيدا رهن أمر إلههم
ونجاتهم في ذلك المضمار
مروا هنا فتشبثوا بمتاعها
سكروا بريح الورد واﻷزهار
ذاقوا حلاوة زيفها فتنافسوا
في جني شهد رحيقها الغدار
ضحكوا لها حزنوا لها فرحوا لها
هي شغلهم في ليلهم ونهار
رسموا لها أحلى الملامح زينة
متعشقين لدلها الغرار
شربوا كؤوس الخمر من أطيافها
عزفوا لحون الخلد باﻷوتار
ملؤوا جوانحهم سراب متاعها
وبوصلها الموتور ضل الساري
في غفلة يمضون في بنيانها
في لحظة ينقض كل جدار
ها أنت يا إنسان قد غادرتها
ورحلت عنها رغم كل شعار
ﻻشيء مما كان قد ودعته
وكأنه ماكان في ذي الدار
لم تعط للتوديع فرصة نظرة
ناداك صوت الموت باستنفار
ونزعت من حضن العشيقة نزعة
وغدوت بعد العين في اﻵثار
هل تنظرون إلى ملامح من قضوا
أو تنظرون خيال طيف جار
تقتات من ذكراهمو أيامنا
أصواتهم رجع من اﻷخبار
يوما سندرك كلنا أوهامنا
ونفيق من حلم الخلود العاري
يوما تغيب عن الوجود وجوهنا
ونسير نحو نهاية المشوار