ِللمفكرين فقط
مقاهي وحواجز
طارت الفكرة
بين المقاهي والحواجز طارت الأفكار
في إحدى المقاهي المنشرة في مدينة جنين والتي يلاحظها اى زائر والتي يرتادها الناس في الصباح الباكر وبعد العصر عادتا ، ممكن ان تلاحظ مجموعات تجلس بشكل دائري منها من يتحدث عن التجارة ومنها من يتحدث عن التعليم وغيرهم يتحدث عن السياسة و آخرين يتحدثون عن التطور التكنولوجى وآخرين يتحدثون عن الوضع العام الى آخرة .
المهم اننى كنت وقتها أمر بجانب إحدى القهاوى فدعاني احد الأصدقاء لشرب القهوة بعد الترحيب جلست معه وكانوا يتحدثون عن الإدارة وأساليب الإدارة الحديثة إلا اننى كنت استرق السمع من احد كبار السن الذي كان يتحدث ويجلس خلفي مع مجموعة من نفس عمرة و قد كان يسرد قصته عندما أراد الذهاب الى رام الله التي تبعد عن جنين في السيارة تقريبا ساعة وربع في الوضع العادي الطبيعي وكان يقول أنة عند خروجه من جنين وعند أول حاجز عندما أراد الذهاب للعلاج تم ايقافة ومن معه الذين يركبون في سيارة تاكسي أجرة جماعية من قبل احد الجنود المتواجدين على الحاجز وطلب منهم إبراز الهويات والنزول من السيارة وبعد اخذ الهويات منهم للتشيك عليهم كما فهم المتحدث وبعد أكثر من ساعة طلب من الجميع الرحيل وبقى هو لوحدة في الشمس .
بحديثة هذا كنت استذكر وعد بلفور المشئوم والأحداث التي تلت هذا الوعد ، المهم ان المتحدث أكمل يقول ان احد الجنود وبعد أكثر من ساعتين تقدم منة وقال له بطريقة مهينة انصرف واجلس بعيدا عن الحاجز ، كنت وقتها استجمع افكارى لأكتب قصة عن ما يقول لكن الفكرة طارت ، حين تابع يقول رغم مرضى وعدم قدرتي على المشي بشكل جيد أو الوقوف تحت أشعة الشمس في أيام الصيف هذه إلا اننى ذهبت بعيدا كما طلب الجندي ، وأخذت انظر ما يفعله الجنود على الحاجز مع أبناء شعبنا الفلسطيني ( وحدث ولا حرج عن أنواع الاهانات) .
هنا عادت لي الأفكار من جديد رغم ضجيج المقهى الذي اجلس بة وأنا اسمع عامل القوة يصرخ في كل مرة عندك اثنين شاي أو واحد قهوة الى آخرة ، وقتها نويت الكتابة عن معاناة شعبنا وحقوق الإنسان وربط ذلك بالمعاهدات الدولية التي تطالب الجميع باحترام الإنسان .
لكن الفكرة الثانية طارت هي الأخرى حين سمعته يقول ان احد الجنود تقدم منة وقال له هذه المرة انصرف بعيدا وهو يصرخ في وجهة واجلس بعيدا عن الشجرة التي جلس تحتها ليستظل بها بعيد عن أشعة الشمس الحارقة وكان المتحدث يوجهه سؤلا وقتها لمن معه ويقول هل الجلوس تحت الشجر جريمة ويرد علية احدهم طبعا لا ويقول المتحدث لا الجلوس تحت الشجر جريمة بدليل ان الجندي منعني ؟
نظرت وقتها للمتحدث وكانت تبدوا علية ملامح التعب والأسى مما قد حدث معه هنا استهوتنى فكرة لعمل سيناريو يصلح لمسرحية تتحدث عن المعاناة اليومية التي تحدث مع أبناء شعبنا وكيف من الممكن ان يتم وضع في المستقبل القريب يافطة على كل شجرة يكتب فيها ممنوع جلوس الفلسطينيين تحت الشجر.
المهم اننى تابعته وهو يقول بعد ان ابتعد عن الشجرة كان معه كيس بسكويت وكان يشاهد الطيور من حوله فأراد ان يتسلى وهو تحت الشمس فقام برمي بعض من فتات البسكويت للعصافير ، وقتها صرخ احد الجنود علية طالبنا منة نزع ثيابه وقاموا بتفتيشه واجلسوة بعدها في الشمس وهو شبة عاري ، هنا اعجبتنى فكرة إشغال وقته بإطعام العصافير في ضل المأساة التي يتعرض لها وكنت قد بدأت استجمع افكارى لكتابة قصيدة .
لكن هذه الفكرة هي الأخرى طارت حين سمعت المتحدث يقول ان احد الجنود تقدم منة وهو يصرخ طالبنا منة ان ينبطح على الأرض وهو شبة عاري وبعد أكثر من ثلاثة ساعات وهو ملقى على الأرض صرخ علية احد الجنود والقي بهويته على الأرض طالبنا منة أخذها والذهاب بعد ان كانت سيارة التاكسي التي كانت تقله قد رحلت وبعد ان تجمع عدد آخرين من أبناء شعبنا تحت الشمس ليمارس عليهم نفس هويات الجنود التي مارسوها علية ، وبالفعل لبس ملابسة وتوجه الى اقرب رصيف ووقف يشير الى السيارات لكي تقله إحدى السيارات الى رام الله وفجأة توقفت إحدى سيارات المستوطنين أمامة وهم يشتمونه ويصرخون علية لحين قدوم احد جنود الاحتلال الذي لم يقصر هو الآخر في الصراخ والشتائم ورفع السلاح في وجهة ، لكن رحمة الله كانت كبيرة أخيرا فقد تركوه لكبر عمرة وذهب لرام الله .
وقتها أردت الكتابة عن العنصرية ومقارنة ما يجرى عندنا في ما كان يجرى في جنوب أفريقيا إلا ان صوت أنين المتحدث وصراخ عامل القهوة وهو يقول عندك هنا ثلاثة زعتر ، طير الفكرة الأخيرة بعدها ذهبت للبيت وكتبت ما حدث معي بالقهوة وما سمعته عن الحواجز علها تفيد المفكرين والكتاب الذين إذا أرادوا ان يكتبوا في أجواء مناسبة عليهم الذهاب الى احد الحواجز ومعهم قلم وورقة علهم يستطيعون كتابة مشاهداتهم إذا سمح لهم وكانوا من الناجين.
سعد أبوبكر
جنين / فلسطين