السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لعمركِ إنَّ في نفسي كلاما
وليس كمَن تبصَّرَ مَن تعامى
لقد تاهتْ دمائي في عروقي
تدور بها وما رامتْ مراما
أما في هذه الأيامِ يومٌ
نميطُ به عن الدنيا اللثاما
أتسهرُ أعينٌ لينامَ ليلٌ!
وتأرَقُ ثم تُتَّهمُ اتهاما
أتُقتلُ أنفسٌ ليعيشَ موتٌ
وهل خُلقتْ نفوسٌ كي تُضاما!
أنركبُ في خِضَمِّ العيشِ عُمْراً
لنلقى في شواطئِهِ الحِماما!
ومَنْسِيِّيْنَ ما خُلقوا ليُنسَوا
قد انصرموا مع الدهرِ انصراما
طموحاتٌ جراحاتٌ وجوهٌ
كم ابتسمتْ ولم تلقَ ابتساما
نداءاتٌ يعودُ لها صداها
ليُلقيَ من جناحيهِ الملاما
وفي أقصى أقاصي الأرضِ ثكلى
وجاثيةٌ على جُثثِ اليتامى
أرى الأيامَ إن ربَّتْ كراماً
فكم تركتْ على لُؤمٍ لِئاما
أساقيَتي رُويدَكِ فاعصِري مِن
صِلابِ الصخرِ في كأسي مُداما
ولا تُبقي ولا تذَري لعقلٍ
مجالاً أو لذي عقلٍ مُقاما
وأنسِينا قضايانا وقُصِّي
علينا من حكاياتِ القُدامى
وقولي: كلُّ هذي الأرضِ كانت
كعُشٍّ حين ينتظمُ انتظاما
فلا شرقاً ترون ولا جنوباً
ولا غرباً ترون ولا شآما
وكان الناسُ إخواناً لأمٍّ
وكانوا لا اتِّهامَ ولا انتقاما
يوصِّي بعضُهم بعضاً ببعضٍ
وإن بلغوا من الحبِّ التَّماما
فما استوصتْ بنا الأيامُ خيراً
وقد هدمتْ لكي تبنيْ الحُطاما
ولا أَلقتْ لنا الأرَضونَ بالاً
ولم تُبدِ السماوتُ اهتماما
كأنَّ الدهرَ وصَّى حين وصّى
على ألَّا نرى فيهِ سلاما
ولِي حُلُمٌ ترامَتْهُ الليالي
فلا خلفاً أراهُ ولا أماما
على عتَباتِ كلِّ صباحِ عامٍ
أُطِلُّ لعلَّ في الأعوامِ عاما
ومُنكسراً أعودُ وألفُ جرحٍ
معي للناسِ لم يلقَ الْتِئاما
حملتُ لواءَ كلِّ الناسِ حتَّى
كأنَّ لهم على عنقي ذِماما
لهم أوقدتُ من قولي شموعاً
وأشرعتُ القصيدَ لهم خياما
أيُرجى من شتاتِ الغيم غيثٌ
وما الْتمَّتْ له السحُبُ التِماما
أيُرجى من سكونِ الريحِ غيمٌ
وما التَطَمَتْ له الريحُ التطاما
أيُرجى من جميعِ الناسِ شيءٌ
وما قاموا له حقَّاً قياما
موسى الجهني