- هل أنت متأكد أننا في دمشق؟
- ههههه , وأين نحن إذاً , مالك تتغابى يا ولد ؟
- أنا لا أمزح , كل من قابلتهم إلى الآن من أعمامي وأولاد عمي , وهم يسكنون بنفس هذا البناء الإسمنتي الكئيب الكبير.
- إنها مصادفة , وقد اشترينا البيوت كلها في نفس المكان حتى نكون بالقرب من بعضنا البعض.
- وماقصة هذا الذي يسكن في بيتنا , ولا يريد أن يخرج من البيت , بعد أن حضرنا إلى هنا.
- اخفض صوتك , إنه خالك , وسيخرج حالما يجد له بيتاً
- هل يدفع لك إيجاراُ
- لا , أنا أسكنته في المنزل , كي يقوم بحراسته.
- واضح جداً , هو يحتل جميع مرافق البيت , ويحشرنا في غرفة واحة , ويتصرف وكأنه مالك البيت .
- ما أوقحك أيها الصغير
- أنا أريد غرفة ثانية وفوراً , افرض مثلاً أن أهلي قدموا من الريف ,أين سينامون؟ أوجد حلاً , وإلا ذهبت أنا إليهم . فهناك أملك الغرف الكثيرة والحديقة الواسعة.
كان من الصعب , إقناع ذلك الطفل , بالمقارنة بين رحابة الريف وبيوته الواسعة , وأناسه الطيبين , ذوي المشاعر المثخنة, وبين العاصمة وبيوتها الإسمنتية الصغيرة , وأناسها الذين يسعون وراء لقمة العيش والنجاح , والذي أنساهم الكثير من المشاعر والأحاسيس.
أما الوالد فقد ندم بعدها كثيراً , لأنه لم يستمع لنصائح ذاك الطفل الوقح كما أسماه , وعانى الكثير حتى خرج ذلك المستعمر لبيته , وذلك بعد تدخل الأجداد والعشيرة والأقارب , واتق شر من أحسنت إليه ...