|
نامتْ طيوفُ الَّيلِ خَلفَ خِيامي |
وَتكدَّسَتْ تحتَ الرُّؤى أَوْهامي |
وَالفَجْرُ يَشْخَبُ لا غَدٌ لا مَوْعدٌ |
كلّا ، وَلا ضُمُدٌ منَ النُّدّامِ |
نامَتْ طيوفُ الَّيلِ وهْو مُضرّجٌ |
بحكايةِ المُسْتَأسِدِ المِقْدامِ |
وَمُصَفَّدٍ - والطَّلُّ من أجيالِهِ |
بالنيرّاتِ ، وومْضِةِ الإبهامِ |
كَمْ تَسْتَبيحُ الغانياتُ شُعورَهُ |
لكنَّهُّ في الحُبِّ عينُ إمامي !! |
فَأطَعتُهُ ، وَرَضيتُهُ ، وَعَشِقْتُهُ |
يا ويحَ مَنْ تَرَكوهُ دونَ مُقامِ |
يا وَيْحَ مَنْ داسُوا على الزَّمنِ الذي |
يهوى صِباهُ ، وفيهِ مِسْكُ خِتامي |
يا ليلُ : بي كُنْ مُغْرَمًا مُتَفَانيًا |
كُنْ مُغْرَمًا بي ، فَالهَوى قُـدَّامي |
وانثُرْ على الشُّرَفاتِ نِصْفَ حَقيقـتي |
كي تُبْصِر العَزَماتُ بعضَ هُيامي |
كي تقْرَأَ النَّفَحاتُ قافيتي وقد |
عَلِمَ البَديعُ بأنَّني المُتَسَامي |
هذي خيامي ... هَذهِ أحلامي |
هذي جِراحي ... هذهِ أعوامي ! |
تُغني ابتساماتِ الشهيدِ سخيَّةً |
بالسُّهْدِ ، والأفْراحِ ، والآلامِ ! |
تَسْتَنْطِقُ الأزهارَ عن نَعْمائِها |
عن كلِّ إلْفٍ مُعْجَبٍ بكِلامي ! |
عَنْ كُلِّ مُغْتَربٍ فَنَتْ آهاتُهُ |
وهو الذي مازال رَهْنَ سَقامي |
ما زالَ مُنشغِلاً بوحْي ثقافةٍ |
الَّيْلُ أغشاها بلا استفهامِ |
يا ذا الزُّهورِ الباسماتُ ظلالُها |
أقبلْ إليَّ مـُقـبّلًا تِـهـيامي |
أقبِلْ إليَّ بأجمل الأفـوافِ والْـ |
ألطافِ والأصدافِ والأرحامِ |
وانسُبْ إليكَ رفاهتي ، لا تلتفتْ |
حتى تراك مَناقبُ الأنغامِ |
يا ذا الهوى يا فَجْرُ : هذا دربُنا |
فاسألْ عن الميقاتِ والإحرامِ |
لا تَهْجرِ الأطلالَ يومًا وانتبهْ |
أنَّ المحبةَ جَوْهرُ الاسلامِ |
أنَّ العروجَ بدايةٌ للمُنتهي |
فاحمِلْ إلى بَلدِ الحَبيبِ سَلامي . |
.. وتدورُ دائرةُ الفَراغِ رتيبةً |
وابيضّتِ العَيْنانِ فرط أوامي ! |
وَتكادُ تسبقني العواطفُ خِلسةً |
ويضُجُّ تـفـكـيري بلا أنسامِ |
ويكاد يـقـتـلني الزَّمان لِـعلةٍ |
ضاعت أزمّتها مع الأقــلامِ |
وتكادُ تحملنا الصَّواري قبلما |
يحبو الأصيلُ ، فلاتَ من إلهــامِ |
إيهٍ مُعذّبةَ القريضِ تمَهَّلي |
فلقد يهزُّ المنتدى إيلامي |
ما ذنبُ مَعْمودُ الفؤاد ، ترّفَقي |
ألِأنَّهُ في حبّه مـتـنامي ؟ |
ألِأنّه المحبوبُ من أقرانِهِ |
فإذا مشى يبكي على الأقوامِ ؟ |
مَـن أنتِ حتى تـنـتـفي عبراتُـنا |
ويضيع أسلوبُ الكبار أمامي ؟ |
ستدورُ دائرتي ، سأهجُر كبوتي |
سأمزّق الآلامَ بالآلامِ ! |
ولسوفَ أقـطعُ من يرومُ بلاغتي |
يستغفلُ المجنونَ دون سهامِ |
ولسوفَ ينتهضُ الأريبُ مُعانقًا |
أهلَ الشذا في أبلغ الأحلامِ |
وإلى الصباحاتِ العِذاب يُسافرُ الـ |
حاني ، لكيلا تـنحني آكامي |
إذ ذاك نَبْتَكِرُ الحَياةَ جديدةً |
وعيونُ عُمْري تحتفي بمقامي |
وَأداعبُ اللقيا بنور إرادتي |
وأقــولُ يا دنيا إليك غَرامي |
فـتعلّمي منّي الوفاءَ لأنَّني |
رجلٌ من الأخرى رفعتُ خِيامي |
وبـثـثـتُ أطيابًا لأهلِ مَودّتي |
وعلمْتُ أين منازلُ الإعظامِ |
يا ليلُ قد أزفَ العبورُ ورَاقَني |
مَعْنى الجِهادِ ، فردّني إكرامي |
طوبى لمن ذاق السُّلافَةَ ذاكرًا |
طوبى لأهلِ الذَّوقِ والإنعامِ |
طوبى لقلبيَ ، والحَبيبِ ودوْحتي |
إنّي هُــنا ، فَـتَـمَـتَّـعـوا بنظامي |
هــذي خيامي ... هذه خطراتـُنا |
هذي جراحي ... فارحموا تهيامــي . |
كانوا هناكَ ، ولا أطيلُ كَلامي |
يَتَهكَّمونَ بأدْمِع النُدّامِ |
يَتَصَـيـَّدونَ بكلِّ جَــوٍّ قاتِمٍ |
لمّا تُضِيءْ أعوامَهُ أعوامي |
في جاههِم شَمْسُ المروءةِ أغلقتْ |
أَبوابَها ، فَـبَكـوْا على الآثامِ |
كانوا يَكيلونَ المتاهةَ بالأنا |
ويُطـفـِّفُــونَ كجَوْقَةِ الأَنعامِ |
وَصَبرتَ يا قلبي غَداةَ تملّكوا |
غيثَ السَّحابِ ، عشقتَ دونَ سَقامِ |
وَنَهضْتَ يا قلبي غداة تَدَحْرَجُوا |
من حيثُ هُم جَرحُوا النَّخيلَ "بسامِ " |
من حيث هم عذلوا ندى أُمَّ القِرى |
دارَ السَّلامِ وَقِـبْلةَ الأيتامِ |
كَسَروا اليـَراعةَ واهمينَ بأنَّنا |
قـد نـَنْـثـني ، ناسينَ دُرَّ نِظامي |
فإذا السَّماءُ قريضُ مَجْدٍ مُحْكمٍ |
يَهْدي السُّراة ، يَنُمُّ بالأحكامِ |
وإذا النَّزَاهةُ - رغم خبثِ دَهائهم - |
تعْلو بقدرِ الأهلِ والأعـْمامِ |
وَحَبيبتي يَشْدو لدَجْلةَ ثغرُها |
يا حَسْبُها الرَّحمنُ في الإقدامِ |
أَحَبيبتي عُذرًا بياني مُكلمٌ |
قد ضاقتِ الأيَّامُ بالأيّامِ !! |
عُذرًا إذا مسَّ الغُبارُ خَميلةً |
فَغَدًا سَيَشْرَقُ فـيهِ كلُّ عِصامي |
يَفْنى الرَّدى ، أمَّا الخلودُ فصنْعةٌ |
ما عادَ يُتْقِـنُها سِوى إلهامي |
يفنى الرَّدى ، والشَّامِتونَ ، وَمَنْ طغى |
ويظلُّ عـهْــدُ الحُــبِّ والإكــرامِ |
لِتسيرَ قافــلةُ الجهـادِ يحـفُّــها |
ماءُ العيون ، ووثبةُ الصَّمْصامِ |
وَيهيمُ داعيةُ الجَمالِ مُتوَّجًا |
بعزائـمِ المُسْتـوْثِقِ القـَـمْقـَـامِ |
كانوا هناكَ ، وكان يَدْري أنّه |
في سوحِها فَرْدٌ معَ العَلاّمِ |
يَدرْي بأنَّ الفجْرَ بعضُ جنودِهِ |
فإذا أشارَ أضاءَ قلبُ الشامِ |
وطفقْتَ في البيداءِ تحْرسُ أهلَها |
فالأمنُ في البيْداءِ دون حزامِ !! |
كي لا يقولَ الشَّرْقُ أين أحبّتي |
كي لايني التَّاْريخُ باللوّامِ |
كي تنهضَ الأمُّ التي ما أنجبتْ |
غيرَ الكبارِ ذوي الحِجا المترامي |
أمَّا الصِّغارُ ولو هناك تـناسَلوا |
وتكاثروا زورًا بـلا أرحامِ |
إنّي فقهْتُ بأنَّهم أكذوبةٌ |
بل هم - أخا الأنجامِ - محْضُ حُطامِ |
عَجِلوا إلى قعْرِ الهزيمةِ حاملين |
الغلَّ والأهـواءَ بالأوهامِ |
صُوَرُ العَمى فيهم تجسَّدَ لونُها |
بل إنَّها رُسمتْ من الإجرامِ |
ما آثروا غيرَ الرَّذيلةِ مسْرحًا |
فلذاك لاكوا أقذرَ الآثامِ |
مُذ قيَّدوا بالجور أنفسهم فما |
نفع الحكيمُ وموردُ الأقلامِ |
إلا السُّيوفُ دواءُ كلِّ رُعونةٍ |
أبكى الغـياضَ بحَتْفِهِ المُتَعامي |
إلا السِّهام وكمْ حملتَ كِنانةً |
جاشت بها نحوَ الضَّلالِ سِهامي |
وغـداً ستحْتفلُ الفتوحُ بهيَّةً |
والغرْبُ منهمكٌ بكلِّ ظلامِ |
وَغَــدًا سترتفع البنودُ تحيَّةً |
للسَّائرينَ إلى حمى الإقــدامِ |
للحاملينَ القُدسَ في حَدَقاتهم |
والمسجدَ الأقصى وَرَوْحَ مُقامِ |
وإذا بأرواحِ الأحبةِ بينـنا |
وإذا الملائكُ زحـفُها متسامي |
وإذا صلاحُ الدِّين ملءُ قلوبنا |
يشدو بآي النَّصْر دون كلامِ |
وإذا السَّمَواتُ العُلى بجنودِها |
مالتْ إلى مَغْناي فرط زحــامِ |
حتَّى إذا عبقَ الفِدا واسّابقتْ |
بشرى البشائرِ وازدهتْ أحلامي |
نهضَ الشَّهيدُ مُقبِّلاً رفقاءَهُ |
وسلاحهُ الذكرى ونور حسامِ |
نهضَ الشَّهيدُ ولم تزلْ آمالُه |
طيَّ الفؤادِ وجنَّةِ الأنسامِ |
يرنو الى الليمونِ وهو مخضّبٌ |
بمدامعٍ من كوثرٍ وهيامِ |
خلتِ القرونُ وما نسى ضَحِكاتنا |
فهواه ممتزجٌ بعطر مُدامي |
خلتِ القُرونُ ولؤلؤٌ معَ طارقٍ |
يتعانقان بظلّه قـُدّامي |
والعزُّ نهّاضٌ يروم مشاعري |
والأنسُ تُملي سِحْرَه أعلامي |
والغربُ يلعقُ بالجروح تـشرْذمًا |
هي هكذا الأزمانُ في الأحكامِ |
يومٌ علينا إذ تراخى عزمنا |
يومٌ لنا لمّا سكبتُ غرامي !! |
كي يصدقَ الوعدُ الذي نطقَ الخلودُ |
به ، وعاش مكلّلاً بسلامِ |
والأُفـقُ يـبـتـدرُ الحديث مُكبِّرًا |
وله نـشيجٌ بالمودة طامي |
عُدْنا صلاحَ الدِّين وانجابَ العنا |
عُدْنا وفي الخضراء هَبَّ غمامي |
فاقرأْ على الأبطالِ شعري إنّهم |
صانوا العهود ومعهد الاسلامِ |
بلّغ رفاقك أنّ مسْرى المصطفى |
قد آبَ يشدو ، وازدهى تهيامي |
قد عاد بالنُعمى يُكفكفُ دمعه |
وشـذاه مسك محبَّة ووئامِ |
كانوا هناك ، وعزمنا مـسـتـنـفـرٌ |
يا ليل فامرحْ بالأنين الدَّامي |
كانوا هناك وأمتي برجالها |
أذوى حشاها كثرة الأحزامِ |
واليوم قد أذِنَ الرَّحيمُ فأدبرتْ |
تلك العقاربُ واستفاق رُغامي |
عُدْنا صَلاحَ الدِّينِ تِلْكَ ديارُنا |
تاقتْ إليكَ بلوعةٍ وهيامِ |
عُدْنا صَلاحَ الدِّين مرحى للأُلى |
نالوا البَهاءَ وسِدرةَ العلامِ |
مَرْحى لأحفاد الجهاد وكلهم |
أبناءُ ماجدةٍ وَوَلْدُ كرامِ |
مَرْحى لقُدْس الأنبياء وَمسْجدٍ |
بالحُبِّ يَلثُمُ قِبلةَ الأِسْلامِ |