|
أ(دمشقُ) جئتك بالهوى المتدفقِ |
بين الجوانح للحبيبة (جِلّقِ) |
أشدو المحبة هائما في لهفتي |
لبهية الحسن البديع المشرقِ |
وأبث تحناني بلهفة مغرم |
بـ(دمشق) ألقاها بجم تشوقي |
يا من لها الوجدان يهفو دائما |
بمودة الصب الشغوف المشفقِ |
مِنْ صد مَنْ يهوى إذا رام الهوى |
أينال منها شوقه كالغيدقِ ؟! |
ويعود من تلك المروج براحة |
للقلب مجبورا بسعي مًوَفَّقِ ؟! |
إني أتيتك للشذا في جنة |
بالأرض لاحت بالجمال المطلقِ |
وقدمت (جلق) بالشجون أبثها |
لحبيبة الوجدان دون تملقِ |
أشدو لها الأشعار شدو متيم |
بسنية الوجه الجميل المطرقِ |
كالحور يكسوها الحياء مهابة |
ويزيدها الإجلال وهج ترقرقِ |
فلها سطرت محبتي بصبابتي |
من بعد طول تلهفي وتأرقي |
وركبت بالأشواق نحو دمشقنا |
في يم آمال التلاقي .. زورقي |
كالهائم الملهوف غنَّى حبه |
جهرا بلحن كالنسيم مرققِ |
تنهلّ بالأجواء منه أطايبٌ |
فلٌ وريحانٌ بجانب زنبقِ |
زين العواصم والبلاد لها أتت |
روحي ووجداني بسعي مُشَوَّقِ |
فهي الجميلة والرقيقة همسها |
همس الزهور بروض غرس مورقِ |
وهي البديعة والمليحة سمتها |
سمت البهاء المستطاب الشيِّقِ |
وهي الودودة والشغوفة قلبها |
للعُرْب يهفو بالوصال المنطقي |
فيحاء تزهو بالشذا أنفاسها |
برُبَى المروج مع الأريج المغدقِ |
ما أروج الأسواق فيها إنها |
راقت لمشتاق بنهم تسوّقِ ! |
ما بين سوق بانبساط موسع |
يودي لآخر بالحواري ضيِّقِ ! |
ومدى طويل بانفتاح سارح |
بجوار درب بالبضائع مغلقِ ! |
بسجلّ تذكار الطفولة فكرتي |
عنها مكارمها بحسن تَخَلُّقِ |
يهتز فيها العشق هزة منتشٍ |
بربوع بسط ناضر متألقِ |
وبها الفراديس الحسان تلألأت |
بضياء هندام بعذب تأنقِ |
ولها الفوارس من قديم زمانها |
جاءوا بإقدام شهير مفلقِ |
بزوا أعادينا وذلوهم بها |
ذلا بويلات الجحيم المحرقِ |
وسل (الدمستق) عن مآسي كربه |
من فرط كرب دائم لـ(دمستقِ) ! |
وسل (الشميشق) عن بلايا خزيه |
في كل درب من دروب (شميشقِ) ! |
فبسيف دولة مجدنا وبصنوه |
قهرٌ لآل الروم دون ترفُّقِ |
من آل (بهرام) وآل (بلنطس) |
بـ(الحارث بن سعيد) عالي البريقِ |
بأبي (فراس) الليث فارسنا الذي |
بالسيف مزقهم بشر ممزقِ |
من آل (تغلب) بالسيوف جهادهم |
بعزيمة من صدقها لم تسبقِ |
بالشام كانوا فارهين قصورهم |
وجيوشهم فخر بأعتى فيلقِ |
كانت (دمشق) رحابهم ومنارهم |
يأتى لها بالحب كل موفقِ |
ينضم للثوار صوب قوافل |
للروم يسمو بارتقاء المرتقي |
و(دمشق) تعشقه وتعشق من أتى |
للنور والهدي القويم المبرقِ |
من درة الشام العظيم مناهلٌ |
بالخير للدنيا بفيض تدفقِ |
بعقود عز أغدقت إغداقها |
للناس تتبعها بغير تفرقِ |
خلفاء إسلام تجلى قدرهم |
بـ(دمشق) كانوا في جليل تحققِ |
حتى تلاشى بأسهم بتنازعٍ |
فينا وفيهم باحتدام تشققِ |
ما بين مفتون بفتنته يرى |
رأي الصواب بالاقتتال المصعقِ |
ساءت مسالكنا وتاهت خطوة |
عرجاء في سعي المريب الأخرقِ |
نختل في لهو الملاهي والهوى |
بمجون غيِّ مُغَرِّبٍ ومُشَرِّقِ |
وتلوح بالأجواء نار يصطلي |
فيها الجميع لظى السعير المحرقِ |
ضاعت (فلسطين) الحبيبة أعتمت |
مهج بهمٍّ مستطير مطبقِ |
و(القدس) في دمع يئن ويشتكي |
والمسجد الأقصى بويل محدقِ |
وكذلك (الجولان) طال غيابها |
عنا تعاني باحتلال مرهقِ |
هل ضاعت (الجولان) ضم ربوعها |
تهويد كبت للكرامة مغرقِ ؟! |
كلا فأبطال لـ(جلق) أقسموا |
قسم التحرر في يقين مصدقِ |
يا (جلق) الفيحاء حانت عودتي |
هل تسمحين بقبلة المتذوقِ ؟! |
لجمال حسنك يا (دمشق) فودعي |
صبا أحبك في هوى المستوثقِ |
الله ! ما أبهى الحبيبة عندما |
جهرا تجود ... فيا بلابل صفقي ! |
سأعود يوما يا (دمشق) لغوطة |
عصماء حتى في ظهور الأينقِ ! |
غنيت أغنية الغرام قصيدة |
لـ(دمشق) فاتنتي بمحض تعشّقي |
واخْتَلْتُ بالأبيات خط حنينها |
إلهام عاشقها العفيف المتقي |
أنا لا أزكي النفس .. إن حسابها |
دأبي وشغلي بانتباه مدققِ |
أستغفر الله العظيم بفضله |
بوحي فمنه على الدوام تفوقي |
صلى الإله على النبي وآله |
ما انهل ماءٌ من سحاب مودقِ ! |