رحلة قصيرة (2)
_________
ودعت سعيد وبدأت بالاتجاه إلى داخل المطار ، المطار مزدحم بالناس تجمع بشري كبير للقادمين وللمغادرين ، المطار كبير ومنظره من الداخل يبعث للدهشة والجمال ، فوراً توجهت لمكاني فانا أعرف الطريق من قبل .
دخلتُ وفي يدي تذكرتي وجوازي حتى بلغت للطابور الطويل ، وما أكثر النساء فيه ، بلد كأنه يقول للنساء ( زيديني عُرياً زيديني ) معاذ الله ، والعرب في هذا الجانب أبشع من الغرب ، تقليد أعمى مضر ، وفخر وخيلاء بكذا تصرفات ، ولكون أني رجلٌ ملتحي فكان الأمر مريح بالنسبة لي ، ذلك انه لا مجال للإغراء ومحاولة التفنن أمامي بأساليب الفتنة .
ولكن العيب الذي لا يتركني هو حبي للأطفال ، كان أمامي رجلاً غربياً وعائلته ومعهم طفلين صغيرين ( ما أجملهما ) حالما رأيتهما ابتسمت لهما ، وبحركة طبيعية مددت يدي ووضعتها على رأس الطفل الكبير منهما (3 سنوات)كنوع من اللعب الخفيف ، في هذه اللحظة التفت أم الطفل فكأنها نظرة لي بنظرة غير مرحبة بعملي هذا ، فابتعدت عن الفكرة وتركت الطفل ، لكن حصل العكس فإذا بالطفل يأتي إلي يلاعبني ويضحك لي وأنا بدأت في الانشغال عنه عله ينصرف عني حتى نأمن شر أمه ، فكنت في حالة إحراج ، الطفل يلاعبني وأنا لا ألاعبه برغم أني من بدءه بالابتسام وعيني على الأم وعلى الطفل ، وهي تحاول أن تمنعه فلا يمتنع وأصبحت ثقيل الظل والجو متكهرب مثل ما يقال ، وأخيراً خرجت عن الصف وعدت للوراء حتى ابتعد عنهم (وأشتري دماغي ) ، وفعلا ابتعدت لكن كانت المفاجأة حينما دار الصف وتقدموا أصبحوا يواجهونني وشاهدني الطفل فبدأ يؤشر لي ويضحك وأمه في غيظها وأنا في قلقي ( خواجايا ومطوع) حتى اقتربوا مني فامسك بي الطفل فلم أتمالك نفسي إلا وضحكت له ولعبت معه ثم قلت له اذهب إلى أمك يا ابني الله لا يسيئك ( طبعاً الكلام ده كله بالانجليزي ).
فإذا بها تكلم زوجها الذي كان آخر من يعلم ، فنظر لي هو الآخر نظرة قلت بعدها حانت المعركة ولابد من الاستعداد لها ، ولكنه رأى فيَّ صورة رجل كبير الجثة والسن ولست ممن لهم مؤهلات الغزل أو المشاكل ، ففكر في الأمر وامسك بيد ولده وتقدم الصف وابتعدنا عن بعضنا البعض .
كانت عيني لا تفارق الطفل الصغير فهو في عمر ولدي الصغير تقريباً ، المهم بلغ الدور عندي واقتربت من موظفة الكونترول لأجل عمل كرت الصعود للطائرة فبادرتني بالسؤال التالي : هل عندك فيزا لدخول دبي أو البحرين ؟ فقلت : لا وإنما ادخل عبر المطار بحكم وظيفتي ، فقالت لي : وما هي وظيفتك؟ قلت : محاسب ، قالت : وأين تقيم ؟، قلت في السعودية ، قالت : فأين صورة إقامتك ( ولم أكن أحمل معي صورة الإقامة وللأسف لم تكن مطبوعة بياناتها في جوازي حيث أننا في السعودية نسير على البركة فتارةً يكتبون البيانات وأخرى ينسونها ) قلت لها (مستعبطاً ): لا أحمل صورة الإقامة ولكن البيانات في الجواز ألا تكفي؟ ، قالت للأسف لا تكفي عليك إحضار صورة الإقامة وإلا لا يمكنك السفر والعودة و لا يمكنك أخذ تذكرة تغيير فيزا المخفضة بل عليك دفع قيمة تذكرة كاملة التسعيرة .
المشكلة أن معي صورة الإقامة ولكنها في شنطتي في البيت ( بدبي) ولا يوجد وقت للذهاب والعودة فما هو الحل ، قلت لها حاولي لعلك تجدين طريقة فحولتني إلى مسئولها المباشر الذي كرر لي كلامها بل وأكد على انه لا يجوز لي الخروج والعودة بهذه الصورة ما لم أحضر بياناتي كاملةً أو أقطع تذكرة كاملة التكاليف وهي تعادل الضعف في سعرها ، كما أن مطار البحرين لن يستقبلني إذا لم يكن معي فيزا دخول للبحرين .
هنا بدأت المشكلة وهذه ليست أكبرها وإنما أولها ، تداركت الأمر فقلت له ، هلا أعطيتني رقم الفاكس لديكم حتى أبعث بصورة لكم من السعودية ببيانات هويتي ، فوافق وأعطاني الرقم وبدأت الاتصال بإخواني في جده من أجل إرسال الإقامة وكانت هنا المشكلة الثانية حيث أنهم لا يملكون صورة والإقامة ، والأصل في بيتي عند زوجتي وعليهم أن يضربوا مشواراً من أجل أخذها وتصويرها وإرسالها ، وسيكون موعد الرحلة قد حضر وانتهي ونحن لم نعمل شيئا .
إذاً بقي لي د.سعيد في داخل دبي اتصلت به وقلت له يذهب للبيت ويفتح شنطتي ويُخرج منها الإقامة ويبعثها بالفاكس ، وكان حلاً جيداً أيضا ، لكن كان سعيد قد توجه للشارقة ، ورغم قرب الشارقة من دبي إلا أن الطريق الذي يربط بينهما شديد الزحمة في كل وقت ويزيد في أوقات عن أخرى ، وفي مثل هذا الوقت الساعة الحادية عشر صباحاً يكون مقبولاً نسبياً .
فعاد لدبي ودخل الشقة وأرسل الصور عبر الفاكس ، وكنا قد قاربنا من موعد صعود الطائرة وقد مللت من الانتظار خاصة وأنا أرى الناس جميعاً يمرون وأنا واقف كالمتهم أو المجرم الذي عليه لفت نظر ، ثم جاءت الصور وكانت الصورة الأخيرة مفقودة وخشيت أن لا يقبلها الموظف ذلك أن الصورة الأخيرة فيها التجديد الخيرة للإقامة ، فدخلت عليه بصورة المستعجل الذي لا يريد أن يضيع رحلته وبالكاد أقنعت الموظف أن الإقامة في السعودية لم تنتهي وإنما هي في الورقة الأخيرة من الصور ولم يرسلها سعيد ، وأثبت له ذلك من تاريخ تأشيرة المغادرة من السعودية فاقتنع وأمر بتجهيز تذكرة الصعود والعودة لي فكانت رحلتي عند الساعة الواحدة ظهراً وعودتي عند الساعة الثالثة وأخذت على هذا كرت الصعود في الطائرة على الرحلتين وودعت الموظفة شاكراً لها ومسرورا .
توجهتُ مسرعاً إلى صالة الانتظار وهي بعيدة عن مكاننا هذا وكان قد تبقى لي نصف ساعة ، ولا يزال أمامي التفتيش والصف الطويل والمسيرة الطويلة أيضاً حتى بوابة الصعود ، مررت كالبرق من كل ساحات المطار ولم يشغلني السوق الحر الذي في المطار ولا معروضاته الكثيرة والمتنوعة حتى وصلت إلى بوابة الصعود فإذا بالركاب جميعاً وقوف على في انتظار الطيارة التي لم تصل في الأساس فكيف ستقلع على موعدها وكنا في الساعة الثانية عشر وهو موعد الاستعداد لصعود الطائرة .
هنا الجزء الأول
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=18665
:)