ماءٌ ومِلْحٌ هلْ يُسَدُّ بهِ ظمَأ ... إنْ أهدَرَ السجنُ الكرامة َ وامتـَلأ ؟
جلدٌ ترَهَّلَ فوقَ كاهِلِهِ إذا ... قهرٌ تشـَبَّعَ حالَه ُوبهِ لَكـَأ
أعْطـُوهُ ماءً يستردُّ بهِ الهوى
والمِلْحُ أفضَلُ من ْ مجاريرِ النوى
والقيدُ يعصُرُ مِعصَميْهِ وقدْ كوى
ماءٌ ومِلْحٌ هلْ يُسَدُّ بهِ ظمَأ ... والكلُّ منْ شجِّ الرؤوس ِ قدْ اختبئ؟
خلفَ الحديدِ يشُدُّهُ ويصُدُّهُ ... فتجمعوا وتفرقوا أيدي سبَأ
آذانـُنا رغمَ النِداءِ نَسُدُّها
وعيونـُنا بالكادِ تنظـُرُ ذُلَّها
وشؤونُ أمتنا الجريحَةِ منْ لها؟
ماءٌ ومِلْحٌ هلْ يُسَدُّ بهِ ظمَأ ... إنْ كانَ قدْ خـُلِقَ البدايةَ منْ حَمَأ ؟
ومصيرُهُ بينَ الثـُرَيَّا والثرى ... بعدَ الذي في الأرض ِ منها قدْ نشَأ
سجنٌ يحيطُ بأرضِهِ وسمائهِ
وكرامةٌ قدْ دُنِّسَتْ بردائهِ
والدمعُ محبوسٌ بجوفِ ندائِهِ
وحياتـُهُ رهنُ العروبةِ كلّها ... والحالُ ترثي حالَنا بعدَ الخطأ
نبكي ونندبُ ذلّنا في خِفيَة ٍ ... والسُّر أولى أنْ يُذاعَ إلى المَلأ
العزُّ يكتُبُ حَرفـَهُ في خاطري
والذلُّ يُهْدِرُ وقـْتـَهُ في حاضري
والنفسُ تفنى حينَ يأمُرُ آمِري
ماءٌ ومِلحٌ هلْ يُسَدُّ بهِ ظمأ ... إنْ صارَ من حُبلى سلاسِلهِ رَشَأ ؟
مُحْدَودِبا ً يمشي يَجُرُّ قيودَهُ ... وكأنـَّهُ في ظلِّ سَكـْرَتِهِ بدأ
جرحٌ تغلغـَلَ في النفوسِ وقدْ سرَى
بالهمِّ وزَّعَ كلَّ مخزونِ الكَرَى
هلْ منْ مَجَسٍّ قدْ نقيسُ بهِ الوَرى
أمعاؤهُ بالصبرِ خاوية ٌ على ... عرشِ الكرامة ِ لمْ يُذلـّلـْها الكـَلأ
ولسانـُهُ بالذِكرِ يُنـْدي صدرَهُ ... فاللهُ يرعى حالَهُ حينَ التجَأ
هلْ نسألُ المحبوسُ فينا مالَهُ ؟
حالٌ وأيُّ الحال ِ ترعى حالَهُ
إنْ ماتَ أو شيءٌ بذُلٍّ نالَهُ
قاموسُ صبر ٍ بين َ أنفاس ٍ ترى ... بشهيقِها كلُّ المعاجِم ِ قدْ قـَرأ
وزفيرُها منْ بين ِ حشرَجَةٍ هنا ... يُلقي السَكينـَة َ بعدَما قلبٌ هَدأ
أرَقٌ تمدَّدَ في السُكونِ إذا اكتوتْ
أنفاسُنا منْ ضِيقِ حالـَتِهِ اهتـَرَتْ
أمعاؤهُ فالصبرُ فيها قدْ نـَبَتْ
ماءٌ ومِلْحٌ هلْ يُسَدُّ بهِ ظمَأ ... إنْ كانَ منْ كلِّ المذلَّةِ قدْ بَرِء ؟
هلْ تسمعونَ حَسْيسَهُ بينَ الأذى ... أمْ قدْ سمعتمْ عنهُ خطباً أو نبـَأ؟
الجوعُ إنْ طرَقَ البُطونَ فإنـَّهُ
كالماءِ يهرُبُ منْ هجوم ٍ شنـَّهُ
لَهَبٌ تمرَّدَ في كتاب ٍ قـَنـَّهُ
كلُّ الذي أرْداهُ صوتُ صغيرهِ ... بلْ دمعُ أمٍّ بلْ مراسيلُ المَلأ
والنارُ تنهَشُ صدرَهُ في غصَّةٍ ...فالجسمُ عَار ٍ منْ أقاربهِ كـَمِئ
وتعلـَّمي يا نفسُ منهُمْ ما الثبات ْ
بالقيدِ أم ْ بالجوع ِ أمْ بالثـَرْثـَرات ْ
العزُّ يبقى في حياتي للممات ْ
ماءٌ ومِلحٌ هلْ يُسَدُّ بهِ ظمأ ... إنْ كانَ أُلـْبـِسَ بالقيودِ ولمْ يشَأ ؟
لنْ يُصْلِحَ الماءُ المُملَّحُ حالَهُ ... لكنْ سيبقى منْ لعزَّتنا رفـَأ
جمانه شبانه