|
كلُّ المعارفِ عند الموتِ تكتملُ |
وعَلّمَ الموتُ أمّيينَ كم جهلوا |
وما الحياةُ سوى نومٍ بلا نَبَهٍ |
وأيقظَ المرءَ من ذا النومِ مرتحَلُ |
إذا انقضى حلُمٌ للعيشِ منصرماً |
تقشّعتْ سحُبٌ واستبصر الرجلُ |
وما انتهى عمُرُ الإنسانِ في أجَلٍ |
فالعمرُ مستأنَفٌ إذْ ينتهي الأجلُ |
يا أيها الناسُ ليست دارُكم سكناً |
تلك القبورُ بلا ريبٍ هي النُّزُلُ |
إذا نزلتَ بها أبصرتَ من عَمَهٍ |
وأنبَه القلبَ أمرٌ نابَهُ جَلَلُ |
وبِتَّ في جّدّثٍ فازددتَ معرفةً |
بأن ما شِدتَه من زخرفٍ طللُ |
هنالك العيشُ حقاً فارتقبْ ملَكاً |
يقود روحَك حيث العيشُ مقتبِلُ |
ما انبَتَّ حبلٌ بموتٍ كنتَ ترهبُه |
فانظرْ بعينكَ إنّ الحبلَ متصِلُ |
قد كنتَ في غفوةٍ طالت بصاحبِها |
وأنت للصحوِ منها الآنَ تنتقلُ |
لا تفزعنّ من الكفِّ التي مسحتْ |
عليك موقظةً فالأمرُ محتمَلُ |
وافتحْ لها من ثقيلِ الجفنِ منسدِلاً |
وقَرَّ عيناً فلا حزنٌ ولا وجَلُ |
يكفيك من عتمةِ الدنيا ووحشتِها |
وانظرْ إلى الضوءِ في الأنحاءِ يشتعلُ |
وانفضْ تراباً علا ماضيْك من أمدٍ |
وقُمْ تكاد إلى مستقبلٍ تصلُ |
وألْقِ ثِقْلَ لِحافٍ عنك مبتهجاً |
فالصدرُ منشرِحٌ ما هدَّه ثقَلُ |
فإنْ كرهتَ الردى هَبْهُ كعيشِك ذا |
أنت الغريقُ فهل يُستكرَه البللُ |