السلام عليكم أستاذي الكريم أ / عادل العاني
لم أقصد من كلمة التدوير المعنى المتبادر للذهن والخاص بالدوائر العروضية , ما قصدته هو تدوير الكلمات داخل شطر البيت , بحيث تشترك الكلمة الواحدة بين تفعيلتين متجاورتين , كما يدور البيت الشعري باشتراك الكلمة بين نهاية الشطر الأول وبداية الشطر الثاني .
كما لم أقصد أن أقسم الشطر الواحد إلى تفعيلتين وتفعيلة , وإنما قصدت توضيح الفصل اللفظي بين نهاية التفعيلة الثانية وبداية التفعيلة الثالثة , بحيث لا تجد أي شطر تم تدوير التفاعيل الثلاثة .
وخاصية الفصل اللفظي وعدم تدوير الكلمات في الشطر ( وجوب الفصل اللفظي ) تفسر الكثير من الظواهر العروضية وهي ملاحظة في الكثير من الأوزان التي لم يستعملها العرب وحاول الشعراء سابقا للخليل أو لاحقا عليه استخدام تلك الأوزان , مثل :
الوزن المسمى بالمديد التام وقصيدة أم السليك :
طاف يبغي نجوة .. مـن هـلاك فـهـلـك
ليت شعري ضلة .. أي شـيء قــتـلـك
أمـريض لم تـعـد .. أم عـــدو خـــتـلـك
أم تـولـى بـك مـا .. غال في الدهر السلك
والـمـنـايـا رصـد .. لـلـفـتـى حـيـث سـلك
فاعلاتن فاعلن ... فاعلاتن فاعلن
هذا الوزن ( وأمثاله ) في الفطرة الموسيقية لا يمكن تدويره ( دون وعي من الشاعر , لكن يمكن تدويره عن قصد لمن يريد اثبات العكس ) بمعنى أن تشترك كلمة واحدة بين فاعلن الأولى وفاعلاتن الثانية , وإن حدث فقد الوزن جماله واضطر القارئ لسكته خفيفة على سكون نون فاعلن حتى لو في منتصف الكلمة ,
وهو ما نلاحظه أيضا في وزن ( المستطيل ) مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن , والفصل اللفظي وعدم التدوير فتنتهي كلمة بتهاية نون فعولن الأولى وتبدأ كلمة جديدة مع ميم مفاعيلن الثانية . والأبيات التي تنسب لامرؤ القيس :
ألا يا عين فابكي ... على فقدي لملكي *** واتلافي لمالي ... بلا حرف وجهد
كما نلاحظه في وزن ( مفاعلتن فعولن مفاعلتن فعولن ) وقصيدة أبي الحسن العروضي :
أعـاذلـتـي سفــاهــا .. أجـد بـك الـبـكـور*** عـذلـت حليف وجـد .. لـعـذلـك ما يحـور
وكيف رجوع صب .. صـبـا وفـقـيـد لب *** مـنـاه دوام شــرب .. ولـذتـه الـخـمــور
يـحـن لـشـرب كـاس .. لـطـرد هوى أناس *** تـأبـوا فـي مـكـاس .. عـلـيـه بـأن يــدور
فدمعـي رهـط مـزن .. وطي حليف حزن *** أتـيـح بـغـيـر وزن .. فـفـيـه لـه ســعـيـر
فـذق يـا قـلـب حـبـا .. سـتـلـقى فيه كربا *** ظـنـنـت الـذوق عذبا .. فأكـذبك الـخـبـيـر
حدث الفصل اللفظي بين نون فعولن الأولى , وميم مفاعلتن الثانية
ومثل وزن الممتد
فـاعـلاتـن فعولن فاعلاتن فعولن
عتـب ما للخيال .. خـبـريـنـي ومالـي
لا أراه أتـانـي .. زائـرا مـذ لـيـالـي
لو رآني صـديق .. رق لي أو رثى لـي
أو يراني عـدوي .. لان من سوء حالي
ومثلها الكثير من الأوزان ( المخترعة )
لكن هذه الظاهرة موجودة أيضا في أوزان دائرة المشتبه ( الخفيف والمنسرح والمقتضب ) فلا يتم تدوير الكلمات بين الأسباب الثلاثة , فيجب أن تنتهي كلمة بنهاية السبب الأول , لتبدأ كلمة جديدة مع حركة السبب الثاني , وهو ما لا يتكرر في أي وزن من الأوزان المستخدمة في الدوائر الأخرى , ما يعطي دلالة أن أصل أوزان درائرة المشتبه ليس بتوالي الأسباب الثلاث .
هذا ما قصدته بالتدوير , أما عن تشابه الوافر التام السالم بالرمل وبالمتقارب فنتحدث عنه لاحقا لأنه يرتبط ( بالأعاريض والأضرب )
دمت أستاذي الكريم في خير وسعادة