طريق معبد وسط صحراء قاحلة
إن الكثير منا لديه الرغبة في أن يسير على طريق معبدة في حياته خالية من الحُفر والعقبات ومنسقة على جانبيها الأشجار والأزهار، فبينما يريد أن يحول طريق سيرة من طريق ترابي وعراً ممتلئ بالتراب ، إلى طريق معبدة منسقة بالأشجار والجمال يقول في نفسه ، بما إن الجو ممتلئ بالغبار والرؤيا تنعتم عني سواء كنت في طريق ترابي أم معبدة ويعزز قوله إن الطريق الترابي أقل مسافة من الطريق المعبد اللذان يوصلاني إلى المكان الذي أبتغيه ، كل تفكيره الذي سبق كان في نظرة متشائمة وسرعة في الرغبة على حصول المراد ، بعدها وقفَ قليلاً ليغير من نظرته من متشائمة وسريعة إلى نظرة متفائلة يزينها الصبر ، ماذا نتج عن هذه ؟! لقد تغير تفكيره تماماً ، فبينما كان يرغب في الطريق الترابي ووعورته ، قالَ : إن أنا سلكت الطريق الترابي سوفَ أبذل مجهود أكثر من مجهود سيري على الطريق المعبد ، وكذلك سيارتي ربما يصيبها العطل لأنه طريق متعب رغمَ قصره ، أما الطريق المعبدة فإني أكون فيها أكثر نشاطاً ويقل الكد على سيارتي ، وإن كانت الغبار تعجُ بالفضاء من حولي وإن كان هناك حُفر قليلة في الطريق يمكنني الاستفادة من الصحراء القاحلة التي تحيط به ، وذلك بأخذ التراب وملأ الحُفر وبذلك أتخلص من مشكلة الحُفر ، أما الأتربة فهناك شعاع من الشمس يكادُ يضيء من بين غيوم متناثرة من خلف موجة الغبار ، فالاحتمال الأكبر إن الغيوم تبدأ الآن بالتجمع ؛ فتكون كتلة من المياه وتنهمرُ مجتمعتاً وتزيل الغبار العالقة بالجو ، والجميل إن شعاع الشمس يعطي حافزاً ألا وهو أن الشمس لربما تشرق بعدَ هطول المطر ، فيكون أجمل منظر على الطريق المُعبد ، يُغسل الطريق المعبد ، من الأوساخ ، وكذلك تفوح رائحة الأزهار وتلمع خضرة الأشجار ، فترتاح نفسي ، وحتى سيارتي سوفَ يغسلُها الماء المنهمر من السماء ، أما لو سرتُ على طريق الوحل فحتى بعدَ هطول المطر سوفَ يزداد الطريق من عقباته ، وكذلك يزداد الوحل والسيارة تتضرر وتتوسخ بالوحل ، ولو أشرقت الشمس لا تستطيع أن تبخر الماء بسرعة ، وربما صادفني وادياً جارياً بمياه السيل ، ولن أستطيع أن أتخطاه .
أما الآن وقد وضحت أمامي صورة الطريقان وفوائد ومضار كل منهما ، أصبحَ من السهل عليَّ الاختيار ، ولهذا سأختار الطريقَ المعبد على الرغم من طوله فالصبر معَ راحة وطمأنينة ، أفضل من قصر معَ تخوف من مجهول يترقبنا.