أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: شجرة التوت

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 185
    المواضيع : 20
    الردود : 185
    المعدل اليومي : 0.03

    شجرة التوت

    شجرة التوت


    بقلم : عبد الرحمن حسن

    تفـرد أغصانها تغطي المكان كأم تحنو على أولادها ، خوفا من لسعة برد تصر على أن تلــج عظامهم الطرية 000الشجرة المتدلية تضفي روعة وبهجة تسر الناظــرين وحبات التوت التي مازالت طور النضوج تداعـب ذاك الفراغ بكل كبرياء ، والأوراق تغــازل الظل الممتـــد من فضاء المكان إلى أروقـة الذاكـرة تداعبه بلطف وحنان 0
    شعرها المتموج كما الليـــل في أوج عتمته ، وعيناهــا الواسعتان يشع منهما الضوء كشلال من العشق ينتشي العاشق من سحرهما ، وببسمة هادئة تداعب شفتيها تظهـر صفين من قطع اللؤلؤ المنسقــة ووجههـــا المملوء بالبهجـــة كشراع مبحر إلى مرفأ بعيد - يا لمتعــة السفر- و الترحال في عينيها ، طلتها البهية من أعلى الشجرة شمساً تشع جمالا أخـاذا تجسد مع أوراقها لوحـــة جميلة تفيض منها الحياة كلها بما تحتويه من فرح وعطاء لم أكن أعرف للحظة أن هذا المكان سينعش قلبي حتى أقع مترنحا من هوى قد غزا قلبي ،عيناها الجميلتان ونظراتها أجبرتني على التوقــف ، تسمرت كسارية علم أصرت على التباهي معتزة بما تحمل على رأسها ، لم استطع أن أتفوه بالكلام شعرت بالحرج ولأول مرة أحس أنني كجندي جبان فـر من أرض معركة0
    بادرتنــي بكلامها الهادئ المعسول والــذي تطرب لـــه البلابـل والعصافير كان ذاك هــو اللقـــاء الأول الذي تبادلنا فيه الحديث فسحر جمالها وحسن صوتها يضفي على المكان روح الدفء والفرح 0
    - ما رأيـك فـي هـذه الشجرة 00 ؟!!
    - ترددت قليلا ثــم استعدت قـــواي التي خارت محاولا أن أتحــرر من حالـة الخجل وبلغة الواثق بعض الشيء أجبت 000 جميلة0
    - لقـد زرعها والدي نبتــة صغيرة 000وها هي الآن شجرة مثمرة وقوية 000تخيل أننا نوزع من ثمرها على ساكني هذا الحي 000 أنها مباركة فعلا 0
    - نعــم مباركـة 000كنت أردد آخـر كلماتها كالببغـاء
    - ما بالك مرتــبكا000 هل تخاف أن يرانــا أحــد اطمئن هــذه الشجرة كما تقـدم ثمارها ستقدم لنــا الأمان من أن يرانــا أحــد 00 ؟!!
    مرة أخرى حاولت أن أتخلص من حالــة اللا توازن لكن عيناها كانت تشدني إلى أن أبحـــر فيهما زمنا أطول لم يكن لي هذه المرة أي قارب للنجاة تكسرت كل القوارب عنـــد مرفـأ جمالها ، كانت الشمس تعبر لحظة الأصيل تتجه غربا لتنام هناك بعيدا خلف تلك الجبال 0
    تابعــت كلامهــا والابتسامة لا تفارق شفتيها 000 كنت أحاول أن أراك منــذ أيـــام طويلــة وهاهـــو الحلــم يتحقــق الآن 000 لعلك تستغرب حديثي بهـذه الطريقة لكن صدقني أردت أن أقـول لك كل شيء وكُنْ على بينة لقد حاولت مرارا أن أراك لكن سبحان الله ما أجمل هــذه الصدفة إنني لا أصدق أننا نتحدث الآن سويا 000 كان الصمت يتملكني 00سرح بي الخيـــال بعيــدا ، همت بالنزول عن الشجرة بهدوء ومع كل خطوة من خطواتها كاد أن يسقط قلبي معها ألف مرة تابعــت نزولها إلى أن أصبحت على مقربة مني مدت لي يداها وبصوت هامس يفيض منه الحنان
    - تـــذوق هــذه الحبات آمل أن لا تعطني رأيـك الآن 000 غـدا في مثل هذه الساعــة وفي هــذا المكان نلتقي ، لوحت لي بيديها وأشاحت بوجهها وولجـت غرفتها التي تلاصق تلك الشجرة 0
    غادرت المكان والمشهد لــم يفارقني 000شجرة التوت وأغصانها أشاهدها الآن إنها أمام ناظري غصناً 00غصناً ، وأشاهـــد أوراقهـــا وظلالهـــا الوارفـــة تبـــث المكان روعة ورومانسية لها جاذبيتها الخاصة ، وتلك الجميلــة التي تملكـت فؤادي في لحظة من الجنون 0
    قدماي تتحركان بكل بـرود أغادر المكان ، والــدرب يمتد عبر الأفـق كل شيء أصبح الآن متسعا يمر الشريط مسرعاً تتعـدد الأحــداث أتذكر نصائح أمي التي كانت تتلوها دائما - يا بني لا تهتم إلا بدروسك أريدك طبيبا أفتخـر بك أمام كل نساء الحي – خرجـت من داخلي ابتسامة كاد الحزن أن يخفيهــا ، رحمك الله يا أمي كم أنا بحاجــة لك الآن لأنعم بالدفء عنــدك ، أنت الملاذ الوحيد الذي افتقدته منذ زمن ، أبي الذي غادرنا لا يكترث بنا رحل مع زوجته الجديدة ولم يكلف خاطره يوما عناء السؤال عنا كادت الدموع أن تشق طريقها عبر وجنتاي حاولت أن أتخلص من هذا الواقع الذي انقلب إلى وجع وألم 000كان الطريق طويلا وقدماي أنهكها المسير وأنا أعيش لحظات الذكرى 0 رأيت أمي تجلس أمام باب بيتنا وما أن رأتني مدت يديهـا تحاول أن تمسك بي لتضمني إلى صدرهـا كان ثوبها الأبيض يضفي على المكان هيبة ووقار ، حاولت أن تقترب مني كنت أتراجع إلى الوراء لا أعرف لماذا كل ما في الأمر كانت تصر على الاقتراب مني إلا أنني أهـرب منها تنادينـي ، وكم كنت أود أن أقول لها كم أنا بحاجة إليك 000كم أحبك يا أمي لكن الكلمات تضيع في قاع حنجرتي ، يتجمهر الناس حولي تحملني جموع من الرجال ، والنسوة يندبن ويضربن الكف بالكف ومن على أكتافهم يمتد الأفق بعيدا عبر ناظري أرى سهولا مخضرة وزهر الحنّون يعيد للمكان جماله الأخاذ أعود من جديد لغيبوبتي ثم أنهض أحاول أن أتمسك بثوب أمي الأبيض لكنها هذه المرة تبتعد عني أكثر فأكثر 0

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    شجرة التوت ورائعة قرأتها اليوم
    يمتلك كاتبها أدوات القاص كاملة محلاة بمفردات رفيعة المستوى
    بداية شيقة تجذب القارئ لمتابعة أحداث القصة
    الزمان والمكان للحدث جاء موفق حيث شريط الذكريات يمر به
    فيتذكر رحيل والدته التي كانت تعده لأن يكون طبيبا
    وزواج والده بأخرى وتركه لأبنه دون الاهتمام
    الصراع داخله مابين واقع وذكريات مثكولة لتأتي النهاية الغير متوقعة
    ( ليحمله الرجال وتضرب الكفوف بالكفوف )
    ويتركنا الكاتب في حيرة !!!!
    هل توفى البطل ؟؟؟ أم كانت رؤيا ؟!
    أم .....؟
    القاص المبدع / عبد الرحمن حسن
    راق لي المكوث هنا
    وسعدت بأن أكون أول المتصافحين
    رائعة بكل معانيها
    دمت مبدعا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2009
    المشاركات : 470
    المواضيع : 33
    الردود : 470
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    "شجرة التوت" فى مجملها قصة هادئة رقيقة ، تُلقى آثارها على المشاعر بدءاً من أولها حتى نهايتها .
    "شجرة التوت" توحى بأن البطل رقيق المشاعر ، يحتاج الى الدفْ والحنان .
    نجح الكاتب الى حد كبير فى إختيار عنوان القصة ،

    فى رؤيتى
    أعطانى الكاتب إحساس أنه
    مرة شبه شجرة التوت وأوراقها ، بالأم فى حنانها وقوتها وتظليلُها على أولادها ،
    و فى روعة وجودها بينهم الذى يضفى عليهم الإحساس بالأمان .
    ومرة أخرى شبه الأم وأولادها ، بشجرة التوت فى صلابة جذورها وأصالة فروعها ، وكبر حجمها وجمالها ،وجمال أوراقها وظلها الذى يغطى المكان ، الذى يعطى الجالس حولها بالأمان .
    القصة عموما مليئة بالتشبيهات الرائعة ، هكذا قرأتها .

    ثم إنتقل بنا من هذا التصوير والمشهد الرائع
    الى ـ وكأنه ـ يتحدث مع والى وعن شجرة التوت {{ وهنا إستخدم الكاتب أسلوب التأخير والتقديم}} حيث أوضح فيما بعد أنه يتحدث الى تلك الفتاة "جميلة" الذى أجاد فى وصف وتصوير جمالها ورقتها بإنتقائه لأرق وأعذب الكلمات الذى عبر بها عن جمالها ، وفى نفس الوقت جعل القارئ يتخيل جمال ونقاء ورقة هذه الفتاة.


    كما إنه أجاد فى تشخيص ووصف حالة المحب الذى يقع فى الغرام ـ كما يقولون ـ من النظرة الأولى .
    أجاد فى الربط بين الجملة والمرادف لها
    الأم الذى تعده ليكون طبيبا / إعطائه حبات التوت
    إقتراب الأم منه لتضمه الى صدرها / وإقتراب الفتاة منه والحديث معه
    رؤية الأم وهى تبتعد عنه أكثر فأكثر / تلويح الفتاه له بيدها وإشاحة وجهها عنه


    رؤيتى لنهاية القصة أن البطل إستيقظ من غيبوبته وإتجه الى نصائح الأم التى كانت تشد من أزره قبل رحيلها للنظر الى المستقبل والبُعد عن لحظات الجنون ، وذلك كما جاء على لسان البطل
    {{ ثم أنهض أحاول أن أتمسك بثوب أمي الأبيض لكنها هذه المرة تبتعد عني أكثر فأكثر}}


    القصة رائعة أخى القاص عبد الرحمن

    دمت مبدعا ، والى المزيد من التقدم وإبداع

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 185
    المواضيع : 20
    الردود : 185
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رنيم مصطفى مشاهدة المشاركة
    شجرة التوت ورائعة قرأتها اليوم
    يمتلك كاتبها أدوات القاص كاملة محلاة بمفردات رفيعة المستوى
    بداية شيقة تجذب القارئ لمتابعة أحداث القصة
    الزمان والمكان للحدث جاء موفق حيث شريط الذكريات يمر به
    فيتذكر رحيل والدته التي كانت تعده لأن يكون طبيبا
    وزواج والده بأخرى وتركه لأبنه دون الاهتمام
    الصراع داخله مابين واقع وذكريات مثكولة لتأتي النهاية الغير متوقعة
    ( ليحمله الرجال وتضرب الكفوف بالكفوف )
    ويتركنا الكاتب في حيرة !!!!
    هل توفى البطل ؟؟؟ أم كانت رؤيا ؟!
    أم .....؟
    القاص المبدع / عبد الرحمن حسن
    راق لي المكوث هنا
    وسعدت بأن أكون أول المتصافحين
    رائعة بكل معانيها
    دمت مبدعا
    الأديبة رنيم مصطفى :
    للبوح عبق الكلمات و تبقى كلماتكم هي الأجمل
    شكرا لمروركم العطر
    عبد الرحمن حسن نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 185
    المواضيع : 20
    الردود : 185
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مرحة عبد الوهاب مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    "شجرة التوت" فى مجملها قصة هادئة رقيقة ، تُلقى آثارها على المشاعر بدءاً من أولها حتى نهايتها .
    "شجرة التوت" توحى بأن البطل رقيق المشاعر ، يحتاج الى الدفْ والحنان .
    نجح الكاتب الى حد كبير فى إختيار عنوان القصة ،

    فى رؤيتى
    أعطانى الكاتب إحساس أنه
    مرة شبه شجرة التوت وأوراقها ، بالأم فى حنانها وقوتها وتظليلُها على أولادها ،
    و فى روعة وجودها بينهم الذى يضفى عليهم الإحساس بالأمان .
    ومرة أخرى شبه الأم وأولادها ، بشجرة التوت فى صلابة جذورها وأصالة فروعها ، وكبر حجمها وجمالها ،وجمال أوراقها وظلها الذى يغطى المكان ، الذى يعطى الجالس حولها بالأمان .
    القصة عموما مليئة بالتشبيهات الرائعة ، هكذا قرأتها .

    ثم إنتقل بنا من هذا التصوير والمشهد الرائع
    الى ـ وكأنه ـ يتحدث مع والى وعن شجرة التوت {{ وهنا إستخدم الكاتب أسلوب التأخير والتقديم}} حيث أوضح فيما بعد أنه يتحدث الى تلك الفتاة "جميلة" الذى أجاد فى وصف وتصوير جمالها ورقتها بإنتقائه لأرق وأعذب الكلمات الذى عبر بها عن جمالها ، وفى نفس الوقت جعل القارئ يتخيل جمال ونقاء ورقة هذه الفتاة.



    كما إنه أجاد فى تشخيص ووصف حالة المحب الذى يقع فى الغرام ـ كما يقولون ـ من النظرة الأولى .
    أجاد فى الربط بين الجملة والمرادف لها
    الأم الذى تعده ليكون طبيبا / إعطائه حبات التوت
    إقتراب الأم منه لتضمه الى صدرها / وإقتراب الفتاة منه والحديث معه
    رؤية الأم وهى تبتعد عنه أكثر فأكثر / تلويح الفتاه له بيدها وإشاحة وجهها عنه


    رؤيتى لنهاية القصة أن البطل إستيقظ من غيبوبته وإتجه الى نصائح الأم التى كانت تشد من أزره قبل رحيلها للنظر الى المستقبل والبُعد عن لحظات الجنون ، وذلك كما جاء على لسان البطل
    {{ ثم أنهض أحاول أن أتمسك بثوب أمي الأبيض لكنها هذه المرة تبتعد عني أكثر فأكثر}}


    القصة رائعة أخى القاص عبد الرحمن

    دمت مبدعا ، والى المزيد من التقدم وإبداع
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الأديبة مرحة عبد الوهاب :
    أشكرك من كل قلبي على هذه الدراسة التي أعتز بها و أثمنها غالياً .. لكلماتكم وسام المحبة و التقدير و لبوحكم عطر الحضور الذي يضع البصمة هنا فوق الحروف ليزيدها ألقا لكم من القلب
    باقة ورد تسجل لكم فائق الاحترام و التقدير نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. شجرة التّوت /ق ق ج
    بواسطة كاملة بدارنه في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 25-02-2023, 11:03 AM
  2. من أوراق التوت
    بواسطة عطاف سالم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 20-08-2007, 11:43 AM
  3. قصة قصيرة ( شجرة التوت ) حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-07-2006, 04:55 AM
  4. قصة قصيرة للأطفال بعنوان " شجرة التوت" للأديب موسى نجيب موسى
    بواسطة موسى نجيب موسى في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-06-2006, 08:15 PM
  5. شجرة التوت
    بواسطة إلهام محمد في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-03-2006, 07:00 AM