--------------------------------------------------------------------------------
الحرية ضرورة حقيقية لا يمكن للإنسان أن يعيش حياة هانئة إلا وهو متنعم بها , فهي أساس الاستقرار والعطاء و البذل , ومع تباين وجهات النظر لحقيقة العطاء والبذل والاستقرار اختلف مفهوم الحرية عندهم فمن كانت السعادة عنده مجموعة من الأنشطة البهمية كانت الحرية في تصوره هي الأسباب التي يتمكن بها من مزاولة تلك الشهوات والملذات, ومن كانت السعادة عنده هي نيل رضوان الله تعالى بكل ما تعنيه هذه الكلمة من مقدمات ونتائج ؛ كانت الحرية هي السبل التي إذا ارتقاها حقق بها ذلك المنشود السامي .
ومن هنا عرف السبب في تلذذ المؤمنين بأنواع المشاق واعتبارها ساحات للحرية المأمولة مع أنها قد تكون قيود وأمراض وسجون في الواقع الملموس , إنه الاعتقاد الذي يغير من حقيقة الأشياء فيذلل العسير ويجعل العلقم كالسلسبيل , ليس هذا من قبيل السفسطة أو الذاتيات الشخصية , بل هي وقائع حقيقية تكون لأهل الإيمان فقط , لأن ذلك الاعتقاد يكون سببا لحلول الرضوان والثبات والإلهام من الله تعالى , فيثبت المولى تعالى عباده المؤمنين ويمدهم بالعون والنصر , فتحال النقمة إلى نعمة والابتلاء إلى ثبات ومضاء (ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي في صدري أنا سجنى خلوة ..)
ولما كان الأدب الإسلامي واحدا من أهم المجالات التي كانت وما زالت منبرا تعلوه كلمات الدعوة إلى الله تعالى والجهاد في سبيله , كان له مفهوم خاص للحرية التي هي أساس العطاء والنجاح في كل توجه ينحو إلى التمييز والظهور , فالأدب الإسلامي نبع رقراق يغذيه علم القرآن والسنة المطهرة , تزكيه دموع المخلصين وآهات التائبين , ترفده طاعات المؤمنين وصلوات الشاكرين , إن الحرية الحقيقية التي هي أساس الإبداع في الأدب الإسلامي لتتجلى في كافة مقومات النصح لدين الله تعالى ولرسوله ولعلماء المسلمين وعامتهم .
الحرية الأدبية الإسلامية هي حقيقة العبادة التي قال في تفسيرها شيخ الإسلام رحمه الله بأنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة