استغباء الوزير أخنوش وزعيم جبهة القوى للشعب المغربي
هذا بدعوى انتقال المغرب من مشروع دولة إسلامية إلى مشروع دولة ليبرالية وهذاك بقوله: الإسلام دين الدولة


سبق لزعيم حزب القوى الديموقراطية السيد: المصطفى بنعلي أن صرح إلى جانب الوزير الأول عزيز أخنوش في ندوة صحافية قائلا: "انتقل المغرب من دولة إسلامية إلى دولة ليبرالية ديموقراطية اجتماعية"، هذا التصريح من بنعلي لم يعلق عليه الوزير في حينه لرضاه عنه، ولكنه بعد حين رديف لحين خرج يحاول إخفاء المستور بإظهاره، خرج إلى الإعلام مقلدا النعامة.
لقد روج بنعلي لانتقال الدولة المغربية من دولة إسلامية إلى دولة ليبرالية في صفاقة ووقاحة دالة على أنه يستغبي المغاربة، إذ كيف يصف واقعا بغير وصفه؟ كيف يفتري على المغاربة وكأنهم مغيبون عن فهم ما يجري؟ كيف يؤسس لمشروع لا وجود له؟ المغرب لم ينتقل من دولة إسلامية إلى دولة ليبرالية ديموقراطية اجتماعية، المغرب لا يزال على حاله لم يغير قميصه إلى الآن، أنا أتحدث هنا عن مغرب الاستقلال المنقوص، أما نعته بالدولة الإسلامية فيكفي النظر إلى المقياس الذي بواسطته تعرف الدولة المغربية أنها دولة إسلامية أم غير إسلامية؟
فالدولة من التداول ومعناها أن هناك مجموعة من الناس يتداولون بالرعاية والسياسة شؤون الناس ومصالحهم، يرأسهم رئيس أو ملك أو أمير أو مستشار ويكون إلى جانبه معاونون له مفوَّضون وغير مفوضين، وزراء يمنحهم صلاحيات الحكم فيما كلفهم، ووزراء موظفون ينفذون ما يصدر عنه أو عمن عينهم مفوضين سواء سموا وزراء مفوضين أو مستشارين أو غير ذلك، والشرط في الدولة لكي تتميز وتتمايز حتى يقال عنها أنها دولة إسلامية، أو دولة رأسمالية ديموقراطية ليبيرالية، أو دولة اشتراكية، الشرط هو نوعية وجهة النظر الأساسية التي يقوم عليها رأس الهرم، أي نوع العقيدة التي يتبنىاها الرئيس، والتبني لوجهة النظر لكي يكون حقيقيا يجب أن يظهر على الجوارح لأنه إيمان بالفكرة الكلية عن الكون والإنسان والحياة، ثم الأفكار والمفاهيم، وبالنظر إلى هذه الشروط يتضح نوع الدولة، فإن كانت وجهة النظر الأساسية للحاكم الأول إسلامية وتبعه عليها من يتداولون معه رعاية شؤون الناس ومصالحهم، ويتبنون نفس أفكاره ومفاهيمه؛ حينها تنعت الدولة بتلك الصفات التابعة للعقيدة والفكر والمفهوم، فإن كانت إسلامية فالدولة؛ دولة إسلامية، وإن كانت ليبرالية ديموقراطية؛ فالدولة دولة رأسمالية، وإن كانت اشتراكية فالدولة دولة اشتراكية وهكذا، هكذا يجب أن يُنظر إلى الأمور، هذه هي الاستنارة، هذا هو العمق في الفهم أولا، ثم الحكم على الدولة ثانيا.
إن ممارسة نشر التفاهة السياسية في الشعب أي شعب، وتوزيع السقط الفكري على الناس، وحملهم بالقوة على التقام الغث المعرفي، وتوظيفهم لممارسة تمييع الثقافة، وتنشيطهم لإفراغ المجتمع من القيم والمثل، ونشر السطحية في ربوع البلد إبعادا للعمق والدقة والتحديد في التعامل مع الثقافات والمعارف والأفكار والعقائد؛ كل ذلك يخلق مجتمعا مسلوبا لا تستقيم بوصلته، ولا يعرف إلى أين يسير ولا أي مبدأ يتبنى لحل مشاكله، يرام ذلك بغية غياب الشفافية من أجل تضليل الشعب المغربي عقديا وفكريا وسياسيا، يقصد إلى ذلك من أجل استحمار الشعب واستغبائه حتى يُتلاعب بعقليته ونفسيته، حتى يُحشر في قنينة ويتم إغلاقها عليه من أجل غياب رشده تماما، فالشعب المغربي بخصوصياته الثقافية تمنعه من التأثر بالثقافة الأجنبية كالديموقراطية والاشتراكية وغيرها، صحيح أنه ينتفع بالثقافات الأجنبية، ولكن بشرط ألا تتعارض مع وجهة نظره الأساسية، وها نحن اليوم نرى من يزعمون الانتماء إلى الشعب المغربي يطعنونه في دينه وثقافته وقيمه ومثله، يحاربونه في ثوابته، وليت الأمر يكون من أناس بعيدين، بل يحصل ذلك من الحكومة والساسة والأحزاب.
وعليه فزعيم جبهة القوى كذاب مضلل للشعب المغربي فيما صرح، ونحن لا نستغرب ذلك منه لأنه جزء من المشهد الحزبي المغربي، فجميع الأحزاب المغربية وظيفية لا مكان لها إلا في مزبلة التاريخ ومكب النفايات لأنها مساهِمة بقسط كبير في إفساد المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي والعقدي للشعب المغربي.
أما رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش فقد طلع بتصريح في لقاء صحافي يعرِّض فيه بزعيم حزب جبهة القوى الديموقراطية بشأن انتقال المغرب من دولة إسلامية إلى دولة ليبرالية ديموقراطية اجتماعية ليقول للمغاربة كذبا أن: "الإسلام دين الدولة"، يختفي تحت هذا التصريح حتى يستمر في خداع من صوتوا لصالح حزبه، صوتوا له عن غير قناعة بطبيعة الحال، فلا أحد في المغرب يصوت عن قناعة إلا ما نذر لأن الانتخابات في المغرب عبارة عن مهرجان موسمي شبيه بموسم أحيدوس.
أخنوش واللاعقون لنعله أقصاب خيزران فارغة من داخلها، لا مشروع حضاري، ولا مشروع ثقافي، لا مشروع سياسي، ولا مشروع اجتماعي وكيف يكون لأي حزب مغربي مشروعا حضاريا يجمع الثقافة والسياسة وهو حزب وظيفي؟ هذا لا يكون أبدا.
أخنوش يبرز مدافعا عن الإسلام بترديده ما ورد في الدستور المغربي بأن الدولة المغربية دولة إسلامية، يفتري بهذا لأنه قد صرح سابقا بأنه ماسوني والماسونية لا تعترف بدين ولا بقيم، لا تعلي إلا من القيمة المادية.
ولا يقال بهذا الصدد أننا نظلم الوزير بكلامنا هذا، لا يقال ذلك لأننا نعلم خداع الوزير وعدم إخلاصه للشعب المغربي، فلو كان حقا مخلصا لهذا الشعب لتبنى عقيدة الشعب، لو كان مخلصا للمغاربة لاصطفى وجهة النظر الأساسية التي تؤمن بها الأكثرية، لاختار الإسلام طريقة حياة وأسلوب عيش، ألسنا قد سئمنا تلك السمفونية التي تقول بالحكم للشعب؟ فها هو ذا الشعب يتبنى الإسلام فلماذا لا يسودون عليه شريعته بدل من شريعة نابوليون بونابرت وشريعة الثورة الفرنسية وقوانين الأمعاء والمِعدة؟ لماذا يرفعون شعار فكرة خيالية هي الديموقراطية ويوهمون الشعب أنها بقابلية التطبيق ولا يصْدقونه القول والعمل؟
بما أنه لم يفعل وهو يزعم الوقوف في صف الشعب يمكننا وبكل اطمئنان أن نتهم الوزير بعدائه للشعب المغربي لأنه ماسوني، يخدم أجندة الماسونية وهذه الأخيرة لا تقبل إلا بمحو الإسلام وسائر الديانات، لا تقبل إلا بجعل الإنسان حيوانا لا يملك قيما ولا يستهدف مُثلا، يعيش عيش البهائم يأكل ويشرب بشرط أن يكون صالحا للعمل المطلوب وإلا فالآلة أفضل منه، وهذه الناحية هي التي يعمل عليها أعداء البشرية، وقد فكروا ونظروا للبشرية فاقترحوا الإقلال منها وكورونا مثال وسيأتي على الناس ما هو أسوأ من كورونا إن استطاع الغرب هزيمة روسيا بالوكالة، ولكن هذا لن يحصل لأن روسيا واعية على مستقبلها تريد موقعا في إدارة شؤون العالم في الألفية الثالثة وتدرك أن أكرانيا حديقتها الخلفية وضمان للرغيف الذي سيصبح سبب الحروب والصراعات في المستقبل المنظور، ولا يعني هذا أننا مع روسيا، كلا، فهي عدوة للشعب السوري الجريح والشعب السوري شقيقنا.
والخطر الأكبر هو أن يهيمنوا على تقنية النانو ويحتكروا ما توصل إليه علم الأعصاب والدماغ لصالح مخططاتهم ويزرعوا الشرائح الإلكترونية في أدمغة الناس بقوة القانون بغية استعبادهم فينتجوا لنا بشرا مِثْلي الثقافة يعمل كروبوط بليد.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة بتاريخ: ثامن يوليوز سنة: 2023م