تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من أشعار الفيلسوف "فريديريك نيتشة"



شجاع الصفدي
21-12-2007, 12:55 AM
من أشعار الفيلسوف "فريديريك نيتشة"


إعداد : أريج الفَرَج
عن الجسور



"الشئ الذي يقال بإيجاز قد يكون ثمرة فكر طويل غير أن القارئ المبتدئ في هذا المجال .. يرى في كل مايقال بإيجاز شيئاً جنينياً ويلوم المؤلف لما قدمه له من ثمار فجة غير ناضجة "

هذه العبارة قالها الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشة (1844-1900) رداً على الكتّاب الذين قد لايتجاوز حجمهم الفكري حجم النملة ويدّعون بأن عمق الشئ في طوله وعظمة اتساعه، وتأكيداً منه على أن الموجز اللغوي قد يفوق في قيمته كتاب كامل .
فهذا المكافح ضد عصره كما سماه "رودولف شتاينر" اختار في كثير من كتاباته الشعرية شكل "الأفوريسم "-Aphorism أو مانسميه الحكمة الموجزة وهو مقطع صغير مؤلف من جميل قصيرة تقع بين القصيدة والحكمة يسخر فيها نيتشة من العالم التقليدي والإنسان المهرج .

وهذه المرحلة ألا وهي مرحلة الأفوريسم هي المرحلة الثالثة من حياته الشعرية من عام 1885 - 1887 ، وبإمكاني تسميتها مرحلة الأفكار السريعة، فنيتشة الشاعر انقسمت حياته الشعرية كما قرأت في مقدمة ديوانه إلى ثلاثة مراحل :

1- المرحلة الأولى هي مرحلة الشباب (1858-1871) وفي هذه المرحلة تقترب قصائد نيتشة من الرومانسية والتقليدية .
2- المرحلة الثانية (1871 - 1884) وتسمى هذه المرحلة بمرحلة النضج وهي مابين " ولادة الماساة " إلى "هكذا تكلم زرادشت " وإلتجأ نيتشة في هذه المرحلة إلى النثر الساخر .
3- المرحلة الثالثة وهي الأخيرة والتي ذكرناها سابقاً هي مرحلة الأفوريسم .

وأكثر القصائد التي سنضعها تنتمي للمرحلة الثالثة، فهذه المرحلة تجاوزت الإطالة في الكلام مع الاحتفاظ بعمق الفكرة وتجاوزت أيضاً الشعر التقليدي لأسلوب آخر أبدعه نيتشه -"اكتب بدمك والقارئ الحاذق وحده هو الذي سيدرك المعنى".

وللمجانين وحدهم حيث يمتلكون العقل ...لهم هذه القصائد:




حكمة العالم :
لاتقف على أرض وطيئة
ولاتصعد عاليا جدا !
العالم هو الأجمل
امض إلى منتصف المرتفع

قول مأثور يقول
صارم وطيع، غليظ ولطيف
مألوف و غريب، قذر وصاف
موعد المجانين والعقلاء
أكون، أريد أن أكون هذا كله
في الان ذاته ثعبانا وخنزيرا ويمامة!

حكمة الرجل العنيف
لاتطلب شيئا أبدا ! ماجدوى التأوه!
بل خذ أرجوك وعلى الدوام

الآخر
لا أحب أن يكون الآخر بالقرب مني
ليمض إلى الأقاصي والمرتفعات !
بغير ذلك، أنى له أن يصبح نجمي؟!

في العمق
باحث أنا! إحذر هذه الكلمة
أنا ثقيل فقط – وزني يجاوز المعدل
ولا شئ أفعله عدا أني على الدوام أقع
لكي أسقط أخيرا حتى الأعماق

هيراقليطية
كل سعادة على الأرض
أيها الأصحاب في الصراع تكمن !
نعم فلكي نصبح أصدقاء
لابد من دخان البارود!
لثلاث قد التقى الأصحاب:
اخوة أمام الفاقة
سواسية أمام العدو
حرارا أمام الموت

مبدأ المفرطين في الحذق
المشي على رؤوس الأصابع أولى
من السير على أربع قوائم
والمرور عبر ثقب القفل أولى من المرور عبر الأبواب المشرعة!

الناس الراقون
ذاك ينهض – وجب إمتداحه !
لكنه يقبل من أعلى
حتى أنه يعيش فوق المديح
إنه من الأعلى!

على باب بيتي
أقيم في بيتي
أبدا بأحد ما اقتديت
ولقد سخرت فوق ذلك من كل معلم
ماسخر من ذاته أولا!

قرار
سأكون حكيما فهذا يروقني
مستجيبا لوصيتي
أحمد الله على خلقه العالم بأحمق ما أمكنه

وإن أنا أخذت الطريق
بما أمكن من جنون
فلأن أكبر الحكماء من هنا بدأ
ولأن المجنون هنا توقف

كل العيون الأبدية
إلى الأبد تلتجئ
الله ذاته – هل بدأ وحسب!
الله ذاته أليس بلا انقطاع يبدأ

آرثر شوبنهور
ما علمه تهدم
ماعاشه لايمكن إلغاؤه
خذوا عنه المثال!
لمعلم أبدا ماخضع

إنه الحب الذي يأمرني بصحبته
الحب المشتهى بحرارة

بلا موطن

حملتني الخيول السريعة
بلا ارتباك بلا وجل
نحو أبعاد فسيحة
ومن رآني عرفني
ومن عرفني سماني
السيد بلا موطن!
فكن جريئا وكن قدامي
ولا تخذلني
أيها النجم البراق، يا حظي!
فلا يتجرأن علي أحد
بعد هذا فيسألني
أين يوجد موطني
أبدا ما كنت مرتبطا
بالأمكنة أو الساعات الهاربة
مثلما النسر حر أنا
فكن جريئا، وكن قدامي
ولاتخذلني يا شهر آيار الأنيق، يا حظي!
أيكون الفناء علي حقاً؟
أعلي أن أقبل الموت العنيف ؟
ذاك ما بالكاد أقبله .
أعلي أن أدخل اللحد
والكف عن الشرب إطلاقا؟
فكن جريئا وكن قدامي
ولا تخذلني
ياحلما تعددت ألوانه، يا حظي!

التقية!

مادام جسمي جميلا، فأنه
يحق لي أن أكون تقيه!
معلوم أن الله يحب النساء،
والجميلات منهن أولا
أنه يغفر، أنا متاكدة
للخوري الصغير أن يحب، كبعض الخوريين الصغار
وأن يكون إلى جانبي

ماهو براهب كنيسة!
لا إنه شاب وغالبا أحمر
برغم السكرات المعتمة والملأى
بالعذابات والغيره
يكره كل العجز،
لايحب الطاعنين في السن،
كم من الحكمة كان يلزمه
حتى يتدبر الإله، الأب أمره!

الكنيسة تتقن الحياة
تستبطن القلوب و الوجوه
على الدوام تريد أن تغفر لي
ومن إذن لا يغفر لي؟
يهمسون وينحنون، ثم كل إلى سبيله
حاملا معه خطيئته الجديدة
وبأسرع مايكون يمحون القديم!

ليبارك الله على الأرض
الذي يحب الجميلات
ويغفر لذاته عن طيب خاطر
هذا النوع من ألم القلب.
مادام جسمي جميلا
فأنه يحق لي أن أكون تقيه:
فيوم أصير عجوزا
سيقبل الشيطان للبحث عني!

المتوحد!

أكره الإنقياد كما أكره أن أقود
أن أطيع!؟ لا ! و أبدا لن أحكم!
من ليس لذاته مرعبا، لأحد بالرعب لايوحي
وحده الذي بالرعب يوحي بإمكانه أن يقود الآخرين.
كنت كرهت قيادة ذاتي من زمن
لأني أحب كما حيوان الغابات والبحر
لحين أضيع
حالما،
في صحار لطيفة أجلس القرفصاء
وأطلب ذاتي أخيراً من الأبعد،
وأغري بذاتها ذاتي

الورع يتكلم

الله يحبنا لأنه خلقنا!
((خلق الإنسان الله!)) إنها إجابتكم البارعة .
وهو لايحب ماخلق ؟
ولأنه خلقه توجب عليه إنكاره؟
إنها لحكمة تعرج، إنها تحمل نعل شيطان.


نحو الأعلى

- كيف بإمكاني صعود هذا الجبل بأفضل طريقة؟
- لا تتساءل واستمر بالصعود!


المزدري

إني أترك بالفعل أشياءً كثيرة تسقط وتفلت مني
ولهذا فإنكم تصفوني بالمزدري
ولكن من يشرب من كؤوسٍ
مليئة جداً، فإنه سيترك الكثير يسقط ويفلت
لكن ليس لهذا يمكن أن نقول عنه بأنه يزدري النبيذ

الساحر رغماً عنه

ألقى، هكذا لتمضية الوقت، عبارةً
في الهواء - كانت كافيةً لإيقاع امرأة

النفوس البليدة

لكم أكره النفوس البليدة
حيث لاطيبة ولاخبث أيضا.

سعادتي
مُذ أن تعبت من البحث
تعلمت أن أجد
ومنذ أن غلبتني ريحٌ
أصبحت شراعاً مع كل الرياح

إلى صديق الضياء
إذا أردت أن لاتكل عيونك وحواسك
ابقَ في الظل لتلاحق الشمس


vade mecum,vade tecum -صديقي الملازم، صديقك الملازم
تسحرك طريقتي ولغتي
أتتبعني، أتمشي مع خطواتي؟
لا تتبع بإخلاصٍ إلا ذاتك أنت
وعندها ستتبعني - رويدا رويدا!


الريشة تخربش
الريشة تخربش : أمر لايطاق
أمحكوم علي إذن بالخربشة ؟
لذلك كلما استولت علي بجرأة دواتي
أكتب بأمواج من المداد
كيف ينساب ذلك مترعا سخيا!؟
كم أفلح في كل شئ، مهما كتبت
دون شك، تشكو الكتابة من عدم الوضوح
ماهمني ؟ ثم من يفكر في قراءة ما أكتب؟!!!


زهو شاعر
أعطوني صمغا فقط
سأجد خشبا بنفسي !
فإعطاء معنى لأربع قواف لامعقولة
ليس موضوعا قليل العجب !

الذوق الذي يختار
إن تركت وشأني لأختار
بسرور مكانا صغيرا
سأختار وسط الفردوس
أو ربما ببابه أحسن !


ديوان نيتشة - ترجمة محمد بن صالح (منشورات الجمل)طبعة 2005
العلم المرح -ترجمة :حسان بورقية، محمد الناجي (أفريقيا الشرق)-طبعة 2000

شجاع الصفدي
21-12-2007, 12:56 AM
من أقوال نيتشه:
* لا تمشي في طريق من طرق الحياة الا ومعك سوط عزيمتك وارادتك لتلهب به كل عقبة تتعرض طريقتك
* إنما إذا ما مت يا أختاه لا تجعلي أحد القساوسة يتلو علي بعض الترهات في لحظة لا أستطيع في الدفاع عن نفسي
* إن الله شماعة تعلقون عليها خطاياكم
* لاتنجح امور ما لم تكن وراؤها نفوس تضج حيوية
* أقوى وأسمى إرادة في الحياة لا تتمثل في الكفاح التافه من أجل الحياة , وإنما في إرادة الحرب , إرادة السيطرة ...
* أحب فقط ما كتبه الإنسان بدمه .
* من يحتقر نفسه مازال يحترم نفسه بوصفه محتقرا
* فظيع هو الموت عطشا في البحر... أعليكم حقا ان تملحوا حقيقتكم الى ان لا تعود قادرة حتى على ارواء العطش؟؟
* من منا لم يقدم يوما ذاته قربانا على مذبح الصيت الحسن؟
* المرأه لغز مفتاحه كلمه واحده .......هي الحب
* أجلْ ! إنّي لا أعلمُ مَنْ أنا ومنْ أين نشأتُ .. أنا كاللهيب النّهِم، احترق ، وآكل نفسي نورٌ : كلُّ ما أُمسكُهُ، ورَمادٌ : كلُّ ما أتركُه أجلْ ! إنّي لهيب حقّاً "
* هناك اوثان في هذا العالم اكثر من الحقائق
* لا اعلم ما قد تريده روح فيلسوف اكثر من كونه راقصا جيدا
* لا استطيع الايمان بإله لا يستطيع الرقص
*لا استطيع الايمان بإله يريد تمجيده دوما
* "إنني لا أحب أعيادكم، إذ رأيتها مليئة بالممثلين، ورأيت المتفرجين أبرع منهم تمثيلا".

سحر الليالي
21-12-2007, 01:35 PM
الفاضل " شجاع"

موضوع أكثر من رائع ...!

سعدت بــ معانقته

سلمت ودمت بــ روعة

وبإنتظار المزيد من روائعك الجميلة

سلمت ودمت بـ خير

لك خالص تقديري وتراتيل ورد

شجاع الصفدي
21-12-2007, 10:21 PM
الكريمة سحر الليالي
أشكركِ لحضورك الطيب هنا ..
لكِ خالص الود والتحية

جوتيار تمر
22-12-2007, 02:12 PM
الصفدي الرائع............

تبقى نيتشه......

بشعره وفلسفته علما بارزا من اعلام الفكر الانساني...............

شكرا لك هذا الاختيار البهي

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

شجاع الصفدي
22-12-2007, 03:16 PM
العزيز جوتيار
حضورك البهي دوما يحمل طابع الأناقة والذوق
شكرا لك
خالص الود والتحية

أبوبكر سليمان الزوي
23-12-2007, 05:34 PM
استمتعتُ كثيراً ، واستفدتُ أكثر بما قرأت هنا .

الأخ \ شجاع الصفدي ، أنت إنسان ذوّاق ، وشكراً لك على جهدك وإمتاعنا بهذه اللمسات الأدبية الفكرية الرائعة .
تقديري واحترامي ..

شجاع الصفدي
24-12-2007, 02:43 PM
الأستاذ الفاضل أبو بكر
على الرحب والسعة دوما ..
شكرا لحضورك القيّم
ولك التحية والود

ربيحة الرفاعي
09-08-2011, 04:18 AM
فلسفة نيتشة ميّالة للعدمية وتستلهم كينونة لا صلة لها بإنسانية البشر
وعوالمه -باعتقادي- أكثر خيالا من جمهورية أفلاطون برفضها لكل ما له صلة بمعاني الحق والخير والجمال

شكرا للمقتطفات المنتقاة

دمت بخير

خليل حلاوجي
09-08-2011, 07:30 AM
عندما تشربت المانيا بافكاره
ولد هتلر
وخسرت اوربا ٥٠ مليون انسان بين قتيل ومعاق ومتشرد

الافكار ايضا سلاح ذو حدين

/

عندما قرات كتابه
اصل الاخلاق وفصلها

خفت كثيرا من نيتشه
واحترمته كثيرا


انه الصخرة الفكرية

ربيحة الرفاعي
10-08-2011, 02:48 AM
عندما قرات كتابه
اصل الاخلاق وفصلها

خفت كثيرا من نيتشه
واحترمته كثيرا

انه الصخرة الفكرية

أما انا فعندما قرات كتابه خفت كثيرا من فكره وتداعياته
وكرهته

ورأيت فيه شياطين الإنس

تحيتي

ودمت بألق

صفاء الزرقان
27-08-2011, 05:47 PM
شكراً جزيلاً على هذه الترجمة
قصائد رائعة للفيلسوف الالماني نيتشه
فهو من اهم من دعوا لفكر الانتحار على اعتباره
طاقة تخلص الناس مما يعانونه و روج فكره
لعبادة الشيطان والانتحار الجماعي كطريقة للخلاص
عافانا الله من هذه الافكار القاتلة
علينا الحذر عند التعامل مع كتاباته و افكاره

تحيتي و تقديري

ربيع بن المدني السملالي
27-08-2011, 10:23 PM
مصيبتنا أننا نترك الهدى والنّور المتمثّل في الكتاب والسنة ، ونذهب نبحث عن الأفكار النتنة الهدّامة الغارقة في الأوحال ، وهذا هو سبب انحطاط هذه الأمّة التي كانت في يوم من الأيام ( خير أمة أخرجت للنّاس ) ...قال النبي صلى الله عليه وسلم : تركت فيكم شيئين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما : كتاب الله وسنتي .
ولعل من الخير أن أنقل كلمة قيّمة للأستاذ الأديب سيد قطب :
(( تقف البشرية اليوم على حافة الهاوية .. لا بسبب التهديد بالفناء المعلق على رأسها .. فهذا عَرَضٌ للمرض وليس هو المرض .. ولكن بسبب إفلاسها في عالم " القيم " التي يمكن أن تنمو الحياة الإنسانية في ظلالها نموًا سليمًا وتترقى ترقيًا صحيحًا . وهذا واضح كل الوضوح في العالم الغربي ، الذي لم يعد لديه ما يعطيه للبشرية من " القيم " ، بل الذي لم يعد لديه ما يُقنع ضميره باستحقاقه للوجود ....))
(( معالم في الطريق ص 5 ))

نداء غريب صبري
28-08-2011, 04:09 AM
جميلة هذه الآراء على هامش ترجمة نصوص شعرية للفيلسوف نيتشة
وجميلة أن نعرف حقيقة من نقرأ لهم وعنهم

بوركتم