تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ورقة الحظ



عبدالله علي باسودان
26-12-2015, 02:44 PM
قصة قصيرة مترجمة
للكاتب الروسي " أنطوان تشيكوف "

ورقة الحظ

السيد إيفان ديمتريش يجلس إلى طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل شاق، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة، كعادته وعادة كل الأزواج تقريبا، كل يوم تذكره أم العيال السيدة الفاضلة ماشا، التي تشاركه شظف العيش، تذكره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت ماشا واحدة من بطاقاته .العزيز إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل، على ضيق حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل، في غير اكتراث واضح، زوجته عن رقم البطاقة ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة التي بين يديه. تناوله ماشا البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عين، وقد رأى أن الرقم الفائز هو رقم بطاقة ماشا. وفي لحظات تتغير نفسية الرجل ويغوص فجأة في أحلامه وينسى نفسه.. كيف سينفق هذه الثروة التي هبطت عليه.. يغير البيت؟ طبعا. وكل الأثاث؟ بالتأكيد. ويسدد الديون المتراكمة عليه؟ لا بأس. ولكن الباقي ما مصيره؟ في البنك يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الجدية التي ولجها.
فجأة يتحول العزيز ديمتريش من رجل قانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى الإسراف والتبذير، فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله من عالم إلى عالم آخر، ليس هو وحده وإنما معه الأولاد وأم الأولاد الحصيفة التي اشترت البطاقة. يتوقف إيفان ديمتريش عن الاسترسال في أحلامه برهة وينظر إلى ماشا ليخبرها أنه سيسافر إلى خارج البلاد في رحلة سياحية. العزيزة ماشا يبدو أن أحلامها هي الأخرى كانت اختمرت في مؤخرة جمجمتها، حيث تبادره قائلة .. أنا أيضا أود السفر إلى الخارج، على طريقة "رجلي على رجلك" المعروفة بين الزوجات.
الكلام وقع صاعقة على الرجل الذي كان، حتى لحظات قليلة، وقورا. لم يكن يتخيل أن تطلب أم العيال السفر للخارج، ويتساءل- في نفسه طبعا- ماذا تريد ماشا؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا واستمتع بسفرتي حتى النهاية؟ وفي ثواني معدودات تتحول صورة المرأة التي رافقته رحلة الحياة إلى شبح مزعج؛ عجوز لا تعرف إلا الشكوى، ولا تشم منها إلا رائحة المطبخ؛ في جسدها وفي ملابسها. لم يعد فيها شيء يجذبه إليها. أما هو فمازال شابا وسيما- هكذا تخيل- ولا يخلو من جاذبية، فلماذا لا يتزوج من أخرى؟ نعم لماذا لا يتزوج من أخرى؟

عبدالله الحضبي
26-12-2015, 03:01 PM
قصة رائعة تدل على تمكن وتميز

ناديه محمد الجابي
26-12-2015, 08:38 PM
هناك مثل يقول: ربي عرف ما في الديك ( نحى له سنونه)
أي جعله بلا أسنان.
أحيانا يكون الفقر أفضل وأحسن للأنسان

فالنقود ما أسرع ما تغير النفوس
راق لي ما قرأت
شكرا على اختيارك . :001:

عبدالله علي باسودان
27-12-2015, 05:48 AM
أخي عبدالله
الفلوس تصهر معادن الناس، وتبين حقيقتهم. وأخلاقهم.
دمت أخي في عافية واشكرك على هذا العبور الجميل.

عبدالله علي باسودان
27-12-2015, 05:55 AM
الأديبة الفاضلة نادية.

اقتباس :
أحيانا يكون الفقر أفضل وأحسن للأنسان
فالنقود ما أسرع ما تغير النفوس.

كلام جميل وهو هذا الذي يقصده الأديب أنطوان تشيكوف في قصته الرائعة.
مع أخلص تحياتي.

أسيل أحمد
19-06-2020, 09:22 PM
أن الإنسان ذا المعدن الأصيل لا تغيره الفلوس مهما ازدات ولا المناصب مهما ارتفعت، ولكن كثيرين معادنهم ليست أصيلة بل مغشوشة، ، سرعان ما يتغيرون ويتناسون من وقف بجانبهم، الرجل الأصيل بأخلاقه ودينه، العاقل ذو المروءة لا تغيره الفلوس بل قد يزيد تواضعا».
قصة جميلة المغزى والمعنى ـ فشكرا لإختيارك ـ ولك تحياتي.

عبدالحكم مندور
20-06-2020, 01:13 PM
رائعة ولها مدلولاتها واختيار موفق وعرض شيق /خالص التقدير