ولأخي أبو معاذ عن العقل الباطن :
إن المبرمجين وطلابهم في الغرب بماديتهم وفي البلاد الإسلامية بغفلتهم قد عظّموا أمر العقل الباطن، وجعلوا منه صنماً يُعبد من دون الله. فأصبح هذا العقل يُتقرب إليه، ويُتعوذ به، ويُلجأ إليه. كيف لا؟! وهو العملاق النائم الذي إذا استيقظ فعل الأفاعيل، وحقّق المعجزات والأعاجيب. فما من شيء يريده هذا العقل إلا و استطاع تحقيقه بقدرته الفائقة التي يصعب و صفها. إن هذا العقل الباطن قد أسهب فيه أهل البرمجة وجعلوا منه مُتعلقاً ومتنفساً لمرضى القلوب والعقول. إن المبرمجين وطلابهم وأتباعهم قد تعلقوا بالأسباب المادية البحتة تعلقاً صرفاً كلياً وحتمياً، و كما أخبر النبي أن من تعلق بشيء أُوكل إليه. و ربما نطق أحد أصحاب هذه البرمجة من المسلمين فصرّح بأن هذه التقنيات لا يُتوقع من أصحابها الكفار أن يحرصوا على أمر التوكل على الله، وعلى المسلم الكيّس الفطن أن يتعام مع هذه التقنيات من غير إغفال لمثل هذه الأصول الإسلامية. فجوابنا عليه هو أن جانب هذه المادة الملقاة على طالبي هذه التقنية أو الفلسفة و طريقة الإلقاء و مادته و ممارسات أصحاب البرمجة وطلابهم خير برهان على انتقاص أمر التوكل على الله بغفلتهم وتسليمهم للأمور المادية.
وبالفعل فهذا ما نعرفه من بعض ضعاف النفوس من أصحاب البرمجة الذين عبدوا و تعبدوا هذا العقل الباطن بغفلتهم عن ربهم الحق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. فتجدهم يطلقون الإيحاءات المريضة والتعويذات السقيمة بغرور من الشيطان والماديات الرخيصة والروحيات الغربية التي ما أنزل الله بها من سلطان. فمن أراد أن يُصبح غنياً، فما عليه إلا أن يردد التعويذات التي توحي له بالغنى على عقله الباطن. و من أراد الشهرة، فما عليه إلا أن يردد على نفسه في كل وقت و في وقت نومه التعويذات والإيحاءات الخاصة على عقله الباطن، وبذلك يتحقق له الشهرة. ومن أراد أن يمشي على الجمر الملتهب، فما عليه إلا أن يردد التعويذات على عقله الباطن بأنه قوي وأن الجمر بارد..بارد..بارد حتى يُصدّقه عقله الباطن، فينعكس على عقله الظاهر، و يستطيع أن يمشي على الجمر دون أن يشعر به، وكأن ذلك الجمر جليداً. إن هذا التعلق بالعقل الباطن الصرف المستقل عن الواحد الأحد يتنافي مع كمال التوكل عليه العزيز الجبار مصرف الأمور و موزع الأرزاق.
و في المقابل ينبغي بذل الأسباب وعد التواكل في طلبها فيما لا يتنافي مع حقيقة التوكل على الله الذي هو اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد و دفع ما يضره في دينه و دنياه، وهذا الاعتماد يتطلب مباشرة الأسباب وفق شرع الله عز وجل. و قد أشار الإمام ابن القيم في ذلك إشارة لطيفة حيث أبان أن: "لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وإن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة".و أخيراً فلنسأل أحبابنا أهل البرمجة اللغوية العصبية من المسلمين هذا السؤال لعله يُبسط الأمر:
ماذا عساكم تطلبون من البرمجة اللغوية العصبية، وهل هذا الطلب غير متوفر في كتاب ربنا وسنة نبينا و تراثنا الإسلامي؟!!
والله اعلم