لابد ان تحتاجه يوماً
عاد أبو حنظلة بعد يوم طويل يسحب رجلين مثقلتين , وعلى كاهله معول تهذبت حوافه من الكد وطول الأمد ,أبو حنظلة رجل آلى على نفسه رغم شظف العيش وقلة الموارد أن يعلم حسن , كبير أبناءه الثمانية , الذي ما انفك طيلة سني دراسته الخمسة, في كلية الهندسة, يقتنص يوم الجمعة , كي يمزج عرقه بتربة أرضٍ ورثوها عن اجدادهم كابر عن كابر وباتت جزءاً من كيانه, ويتنسمَ عبق الهواء الطلق المحمل بفاغم شذى المنثور المنبعث من حقل جارهم , وكلما اشتم موجة من العبق تذكر بمرارة ذلك اليوم الذي افلت فيه حمارهم الهرم ليجوس في زاوية الحقل محطما مساكب الزهور ومبدداً حلم حسن , فلن يستطيع هذا الموسم أن يستجيب إلى أمه ؛
حسن برضاي عليك .... لا تنس ان تحضر طاقة الزهور يا ولدي .
أحس حسن بغصة في حلقه تكاد تخنقه , وترقرقت في عينه دمعة ساخنة ثم رفع عصاه وكاد ان يهوي بها على الحمار الهرم لولا صوت ابيه الأجش الخشن , لا يا بني .... فلابد ان تحتاجه يوماً .... لحمل كتبك يا حسن !