المجنونة وشريعة القبيلة
جنون أصابها..
بل فرضته الأقدار عليها..
منذ أن كانت..
طفلة صغيرة لا تفارق حضن أمها..
أخذت بها السنون ودارت حولها
حتى صارت صبية في العشرين
كانت تعرف الوجوه ،
ولا تدرك معانيها
كانت تبادل النظرات،
ولا تدري أي جمرات تخفيها
كانت ساذجة قد خذلها عقلها
فهي ليست هي..مع أنها هي
فرغت من الشعور..بوجودها
فلا تدري أي منبعث..
تنبعث..وأي منقلب تنقلب
داست عليها الأيام
كما داست هي عليها
فرغت من الزمن
كما هو فرغ منها..
بقائها..عدمها نقيضان تحابا وائتلفا،
وذات يوم أغرتها ذئاب مفترسة
حجب عنهم عقلهم ما هية وجود فريستهم
فساقوها..كالنعجة إلى مقبرتها،
وأراقوا دمها البريء كبراءة
لا شعورها..بكل ما يحدث
كانت مجرد صبية
قد خذلها عقلها..مع قدرها
صاحت..بكل ما يحمل الجنون
من العنفوان..والثورة..
وأعلنت على الملأ بأنها
نعجة مسلوبة الإرادة
مهدورة الدم..والحياة ،
وقف الجميع ينظرون أليها،
والفزع يمتلكهم
أحقاً هذه هي المجنونة؟
أحقاً ما تقوله؟
لكن من يجرأ على فعلها..؟
قالت كلاب..ذئاب
أرهقهم..أيامهم..
فجاؤا يفرغون غلهم
على أرضي الطائشة المجنونة..
صدقوها..لأنها كانت
منذ الصغر في ظنهم..
برغم جنونها لاتقول..
سوى الصدق..هكذا قالوا..
التم رجال..القبيلة،
وأنتشر الخبر بين شبانها
بعضهم قال أنها مجرد..فتاة مجنونة كاذبة،
وبعضهم تأسف لِمَ حصل لها،
والبعض الأخر،في نفسه قرر الانتقام لها
لكن شيوخ القبيلة..
كانوا حينها قد أصدروا
أوامرهم التي لا تُعصى
بقتل النعجة المجنونة
خوفاً من أن يصاب شباب
القبيلة بجنون قد يأتي من مضغ لحمها..
أما الذئاب..فقالوا لهم
إياكم وأن تكرروا فعلتكم هذه..
ماتت النعجة ملطخة بدمائها
وتركوا الذئاب تعيش لتعبث بغيرها،
ومات مع الأثنين..
عقل رجال القبيلة..!
16-2-2000