أخي العزيز سمير :
تسألني سؤالا غريبا يثير الاستغراب هذه المرة ولكنه لا ولن يثير الانزعاج كما تتصور ، فعلى الرغم من كل الاقتباسات التي سقتها مما كتبته في ردودي تسألني هذا السؤال الاستنكاري : هل تقرأ ما نكتب ، من الواضح من صيغة السؤال أنك تتحدث بضمير الجمع وكأنني أمام فريق دفاع أو هجوم منسق تتناوبون الأدوار فيه وكأنكم تريدونها معركة كلامية ، والحوار في رأيي ليس معركة بحال من الأحوال إنه البحث عن المشترك لتطويره والبعد عن أسباب التنازع والفرقة والفتنة .
وتسألني سؤالا آخر هو :
لماذا إصرارك على أن تحول منهج الحوار من استقصاء إشكالية الحقائق إلى حقائق الإشكالية ؟؟ ولماذا تحول الحوار من النصوص إلى الشخوص؟؟ لماذا أرى في كل ردودك الحرص في الانتصار للنفس وللشخص مع أننا أكدنا أننا هنا ننتصر للحق والمنطق وأننا لا نمارس ما اعتاده العرب من منازلة الانتصار والهزيمة في كل قضاياهم الداخلية بل نسعى لانتصار المنطق والحق وبهذا نكون جميعاً منتصرين؟؟
أود أولا أن تتكرم بتوضيح الفرق بين حقائق الإشكالية وإشكالية الحقائق لأن فهمي المحدود لم يستطع استيعاب هذه المقولة ولم أفهم المقصود منها وكيف قمت أنا بعمل ذلك ، لقد طلبت منك أكثر من مرة أن تقتبس من كلامي ما يدعم وجهة نظرك فيما تذهب إليه من أحكام أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها تعسفية وأنها تعميم غير مقبول ، كما أرجو أن توضح لي وأن تدعم توضيحك بالدليل حول كيفية قيامي بتحويل الحوار من النصوص إلى الشخوص ، وأي انتصار للنفس الذي تلصقه بي إذا كنتم أصلا قد خرجتم عن الموضوع المطروح للنقاش وذهبتم بعيدا وكأكم لا تريدون مناقشة ما يجري في غزة الآن بموضوعية ودون تحيز لطرف ضد طرف .
أخي الكريم : أنا ضد القتل مهما كان مبرره ، وضد اغتيال أي إنسان ولكني مع تقديمه إلى محاكمة عادلة ، مع عدم ثقتي بوجود قضاء نزيه لأن المحاكم العسكرية شؤم علينا وتسيء إلى سمعتنا ولا يجوز محاكمة المدنيين أمامها ، فإن استحق هذا الشخص الحكم بالموت فلا حول ولا قوة إلا بالله ، أما أن نأخذ القانون بأيدينا فهذا أمر غير مقبول .
والغريب يا أخي أنكم تقومون بإلصاق كل السلبيات بالعرب وتغمضون عيونكم عن الإيجابيات وكأنكم لا تنتمون إلى هذه الأمة التي كرمها الله بالقرآن الذي نزل بلغتها وخاطبها رب العزة بقوله : " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "
حرام عليكم أن تقدموا لأمتكم كل هذا الإنكار والجحود بدلا من العمل على الأخذ بيدها لإنهاضها من كبوتها ، أربأ بكم أن أستعير قول مظفر النواب : هل عرب أنتم ؟
ثم تقول :
ولعلني أعتب عليك أخي الكريم في أمرين: أما الأول فهو سرعة إعلانك عن الانسحاب غضباً سواء من الحوار أو من الواحة وليس هذا مما يتوقع ممن هو في قامتك السامقة ، وأما الآخر فهو هذه اللهجة التهكمية الساخرة من قيمة وقدرة أهل الواحة من كتاب وأدباء ومفكرين وكأنك تحقر أمرها وتضع منها وهو مما يخالف ما أمر الله به من عدم سخرية قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ، ومخالفة لحفظ الرجال أقدار الرجال وإنما المعارف في أهل النهى ذمم أخي الكريم د. محمد أيوب.
أقول إن العتاب دليل مودة ، أما عن الانسحاب فإنني أود أن أسألك : ماذا تتوقع مني أن أفعل حين يتحول الحوار إلى حوار طرشان ، أتحدث عن غزة فتقدحون في عبد الناصر وفكره وتنتقدون السادات وياسر عرفات وصدام حسين ، وتسيئون للعرب وكأنكم من أمة أخرى غير هذه الأمة التي كرمها الله بأن أنزل القرآن بلغتها ، ترى ، ألا يوجد شخص صالح في هذه الأمة من وجهة نظركم حتى نقتدي به ، أرجو أن تذكروا لي شخصية واحدة ترضون عنها وتعتبرونها قدوة لكم حتى أقتدي بها ، أما أن نسئ للجميع دون طرح بديل أفضل فهذا أمر عجيب .
ثم تتحدث عن السخرية والتهكم في ردودي ، ترى أين وجدت ذلك .؟ ولم لا تحدد ما اعتقدت أنه سخرية حتى أطلب الاعتذار منك وممن سخرت بهم إذا كان لديك الدليل على ذلك من كلامي، لقد رجوتك أكثر من مرة أن تقتبس من كلامي ما يدعم وجهة نظرك ولكنك لم تفعل ، فمن الذي يجب أن توجه إليه سؤالك : هل تقرأ ما نكتب ؟!!!!
أشكرك وأعتز برأيك ولو خالفني لأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، وأرجو أن ينحصر نقاشنا في صلب الموضوع وألا يخرج عنه لأننا نعيش في غزة وضعا لا نحسد عليه ونحتاج إلى من يقرب وجهات النظر لا إلى من يتخندق وراء سور من الأفكار المسبقة أو المنقولة عن جهة بعينها وينحاز لها وينظر إلى الحياة بعين واحدة تتجاهل الآخر بل تشطبه وتعزز مواقع الفتنة في بلد لا تنقصه عوامل الفتنة .
مع كل الود والتقدير
د . محمد أيوب