النائمون في القهر
ألقى بكتلته الثقيلة على السرير المتهالك ، تلاحم مع النوم في لحظات قصار، امتد جسده العملاق بين قواطع الأسرة المزدحمة ، انفجرت الغرفة بالأنفاس المتخمرة ، الأقدام تسبح قرب الوجوة المنصاعة لأوجاع مضت ، وأخرى قادمة مع يومها الجديد، شخير متقطع يتقابل مع هنات الكلمات بأضغاث الأحلام ، الحرارة تشع من الجدران ، غيرت من طبيعة الأجواء الباردة بالشارع الخالي إلا من فلول السيارات الطائشة ، انكمشت الأوسدة على الرؤوس المتداخلة ، بقايا من أرقام ضائعة طبعت علي الجباه ، لم تتناسب يوما مع هموم العيش ، رسم خط النهاية عند حدود الزواج ؛ شقة زوجة ... أولاد ... ياااااه ... أقصى ما وصل اليه مع الحلم على تلال الآلام ، غارت الأمنيات بالفراش المغموس في حوض الدموع المتجمدة بين ثنايا الفراق والحرمان ، وانتظم الشخير خخخخخخخخخخخخ.
احمرت أعين النعاس ، زحفت نحو الجسد الآخر ، صفع أنفاسه بوسادة أسندها على حائط الجوار ، أكلت من كتفيه حجارة نقعت بشمس لا تغيب ، يراها وسط الظلام المختبئ خلف جفونه مع بقايا من بيوت لم تكتمل ، زائره النوم عندما تنطفئ ، تلاعبه أكتافه بصوت الأنين ، صوت الأَََسرة المتهالكة من صوت تصلب العظام، يحمل تحت يديه جبالاً من طين ، وجبالاً من حديد ، لكن َدراجة ابنه الصغير تهون عليه الكثير والكثير ، رفعه ليقبله قبل الرحيل ، فأمسك شاربه الطويل - لا تنس الدراجة يا أبي - ، أسند كتفه عليها ، عانقها ، وانتظم الشخير خخخخخخخخخخخخ.
تهدل حتى خاصمت ساقيه ما تبقى من جسده الراقد على جزء من سرير ، يتأرجح بين الوجود والفراغ ، يعيش مع تجبر البطون بين الموائد الساهرة ، يلبي لها ما تشتهيه من طعام ، يتلقى كلمات تنخر من كرامة الإنسان ، وكلمات تلملم ما بقي له من مقام ، يشبع جوعه من بقايا اللقيمات ، التفت عروق قدميه حول أعناق النائمين ، آلام ... الدماء تندفع ... تعود ... دكت عظام ظهره بظهر أمه المطحون ، أبيه المريض ... الدواء ... ضم لائحة الطعام.. ناااام في أحضان القهر.
محمد سامي البوهي
الكويت : 3/9/2006