سلام الـلـه عليكم
رؤية خاصة في قصة " ميم ساكنة "
للأديبة منى الخالدي
" ميم ساكنة "
قرأت هذا العنوان , واستغرقت في قراءته , عدد الحروف في هذا العنوان , لايتجاوز
سبعة أحرف , ولكن المساحة التي شغلتها , تمثل عوالم فسيحة , والحق أقول , أن
حرف الميم , خلق لدي اشكالية معقدة , لم استطع تجاوزها , استغرقت واستنفزت الكثير
من وقتي وجهدي , فقد رحت تائها ابحث عن الحرف ومدلولاته , لغة ورمزا وإشارة ,
والميم ساكنة , وهنا جاء دور كلمة ساكنة , وبدأت مشكلة جيدة , بين الساكنة من السكن
والمساكنة , والساكنة من السكون , سواء كان لفظيا , أو تعبيرا عن حالة , والشخصية
المحورية ترتسم وكأني أراها أمامي , وأتصورها متجردة في خيالي , وأقرأ :
" أبتسم وأزيدك نشوةً بصمتي حين تغضب "
هل هذا سكون وهدوء , أم تعبير عن سكن قلب المحب ( الذي أرجح أن يكون زوجا ) ,
أم هو استثارة وبالتالي فهو سكون حركي ديناميكي , وليس سكونا مطلقا , ثم انتقل الى
حالة مدهشة , من الاستمتاع الانثوي , بالحالة الرومانسية , حين اقرأ :
" تسترسلُ في غرورك الذي أحبّه فتكسر قارورة عطرٍ أهديتنيها يوم ميلادي.. يتناثر
العطر ويمتزج بدخان سجائرك وتحترق معها.. " في تعبير عن استخدام السكون , في
تحريض مشاعر المحب , لنرى لوحة حب جميلة , ذات مدلولات لتفاعل عميق غير معلن ,
بين الحبيبين , فاستخدام قارورة العطر , واختيار المناسبة , يوحي برومانسية العلاقة ,
ثم يأتي تعبير ايجابي لمشاعر الحب , من طرف الشخصية المحورية " ميم " , وهي
تحس امتزاج العطر برائحة سجائر الحبيب , خيط آخر للعلاقة التفاعلية , ذات الخصوصية
الغريبة , ثم أكاد لاأصدق هذه الحالة من الاستمتاع الخفي , ضمن لوحة وجدانية غريبة ,
أكاد أراها أمامي , في شريط مصور :
" ترحل... و تغلق الباب خلفك بقوّة.. أجلسُ أنا وحيدةً كالعادة... بين أربع ذكرياتٍ
صلدة.. حبّك.. قبلتك...أحضانك... وصوتك العذب ! "
أجلس أنا وحيدة كالعادة , بين أربع ذكريات صلدة , وهنا ملامسة خفية للجدران الأربعة ,
ولكن في المدلول المعلن , الحب والقبلة والاحضان والصوت العذب , أي عشق
هذا , يعبّرعنه بالصلادة , ولايعلن , لوحة رومانسية اخرى , شديدة الوقع , فنية الابعاد .
والحقيقة لقد قدمت لنا الأديبة منى الخالدي لوحة فنية في حب من نوع خاص , عندما تتلاعب
المرأة في مشاعر وخيال المحب , لتستمتع بخلجات قلبه ووجدانه , وتحس بثورة الحب
والشك والغيرة :
" أصمت أنا...أنظر إليك وأنت تتجسسُ على دفاتري وترسم الخطوط الحمراء فوق
أحلامي .. "
وفي النهاية , فإن الأديبة منى الخالدي قدمت لنا , لوحة فنية شديدة التوهج , ترسم حالة
حب رومانسية , من نوع خاص , رسمت بريشة ماهرة جدا , متألقة في تجسيد علاقة
خاصة , ترينا مساحة ابداعية من الحب الانثوي , وتلامس حالة من العلاقات الانسانية .
ومما لاشك فيه , أن النص قد يملك خيطا خفيا , بين الخاطرة الوجدانية والقصة القصيرة ,
حتى أنني حرت في مسألة تصنيف النص , والشيء الآخر الذي تمنيته , هو حذف المدخل
الى النص , الذي بدا لي لايتناسب مع قوة النص , وهو :
"تدخل..
تتسرب كالملاك في عروقي وتظنني امرأة حمقاء لا تفرّق بين دهائك حيناً أو استغبائكَ
أحياناً أخرى !"
كذلك أرى خذف القفلة الاخيرة , وهي :
"رعاكَ الله حبيبي
اِذكرني بالخير حين يتلاشي حتى طيفكَ في عالمي !"
وهكذا فإن النص , يصبح مع الاعتذار الشديد من الكاتبة المبدعة منى الخالدي على
النحوعبارة عن قصة قصيرة جدا , أو خاطرة خاطفة ترسم لوحة حب :
"أصمت أنا..أنظر إليك وأنت تتجسسُ على دفاتري وترسم الخطوط الحمراء فوق
أحلامي ..أبتسم وأزيدك نشوةً بصمتي حين تغضب ..
تسترسلُ في غرورك الذي أحبّه فتكسر قارورة عطرٍ أهديتنيها يوم ميلادي.. يتناثر
العطرويمتزج بدخان سجائرك وتحترق معها..
ترحل..و تغلق الباب خلفك بقوّة.. أجلسُ أنا وحيدةً كالعادة..بين أربع ذكرياتٍ صلدة.. حبّك..قُبلتك..أحضانك..وصوتك العذب ! "
د. محمد حسن السمان