يدلف أحمد مغتبطاً إلى ذلك الممرالذي يوصله إلى وطنه، يبتسم لموظفي دولته التي خرج منها قبل عامين في مهمة رسمية،تمر عليه في تلك اللحظة ذكريات وطنه العائد إليه.
يلتمس عبير زهرة في ذكرياته ،ويناديه صوت من داخله متسائلاً : هل ما زالت تنتظرني ؟
تجيب مشاعره : لقد وعدتك ، وستفي بوعدها .
يبتسم مطمئناً لتنتقل ذكرياته إلى ذلك العراقي ، ماذا يفعل الآن؟ كم عراقياً قتل بعد إنضمامه للجيش الموالي لأمريكا ؟ وهل إذا قتل عراقيا يستحق أن يكون عراقيا؟
في لحظات تفكيره كان قد اجتاز الممر ، ليستقبله محمود أحد رفقاء دربه ،يعانقه في شوق ، ويحمل عنه حقيبته الخفيفة أًصلاً هامساً في أذنه : أهلاً بك يا بطل.
يركب كلاهما سيارة مرسيدس ، يقول محمود للسائق : إلى البيت الآمن.
ينتبه أحمد إلى الكلمة ، يتذكر آخر بيت آمن زاره في الوطن ، يوم أن ودع زهرة ، يسائل نفسه : هل سأرى زهرة في هذا البيت الآمن ؟ أرجو ذلك.
تلتهم السيارة الشارع إلتهاماً ، تدخل مدينة يعرفها أحمد جيداً، وعند مدخل عمارة تتوقف ، ينزل محمود وأحمد ، في الطابق الثاني تفتح شقةً كتب على بابها " شركة مصطفى البابي للمقاولات " يطل منها وجه فتاة رائعة الجمال ،يبتسم أحمد عندما يراها ، يحمر خداها حياءً ،لتقول بعدها في صوت أقرب للهمس : حمداً لله على سلامتك يا بطل.
يقترب منها أحمد هامساً هو الآخر : سلمك الله يا زهرة.
***************************************
في داخل الشقة يجلس ثلاثة رجال وفتاتين ، أحمد ومحمود وعمرو وزوجه ياسمين وزهرة ، تتطوع زهرة بتجهيز أكواب الشاي ، يبدأ الثلاثة في نقاش ما حدث في الخارج ، يكتب أحمد تقريره ، بين الفينة والفينة يلتفت إلى عمرو موجهاً له بعض الأسئلة.
بعد أن انتهى من كتابة التقرير يسأل عن مهمته القادمة ، يبتسم عمرو ويقول : مهمتك القادمة أن نفرح بك وبزواجك.
يبتسم أحمد ، ويهز رأسه قائلاً : حسناً سأفعل إن شاء الله.
تنتهي زهرة من تجهيز الشاي ، ويحتسي الكل أكواب الشاي ، لينطلق أحمد بعد ذلك إلى بيته ، حيث يسكن وحيداً بعد وفاة والدته .
يحتضن صورة والدته : ماما هل ستسعدين بزفافي ؟
خيل إليه للحظة أن أمه في الصورة تبتسم له إبتسامة الموافقة ، يغط بعدها في نوم عميق.
*****************************************
يتوجه أحمد وأعمامه الثلاثة إلى بيت والد زهرة ، يتقدمون لها لولدهم أحمد ،يوافق والدها ، وتنطلق الزغاريد من البيت
بعد اسبوع يعقد قرانه ، يتذكر زفاف أخيه الشهيد، تدمع عيناه، ثم يتدارك نفسه أمام المأذون ، ويتمم عقد القران.
يدرك أحمد أنه لازال مطارداً ، لكنه يقرر أن الفرح لا بد أن يسكن قلبه مع حبيبته زهرة